كتب إيلي مكرزل في JnewsLebanon
كانت الحلقة موعدًا مع الذكريات، مع الأحاسيس، مع الصوت الذي يحملنا كل مرّة إلى مكان آخر… إلى زمن نقيّ، كانت فيه الأغنية تُكتب لتُعاش، وتُغنّى لتُحَب. إليسا في ضيافة مروان خوري ضمن برنامج “طرب مع مروان”، كانت أكثر من مجرّد ضيفة… كانت حالة.
منذ اللحظة الأولى، سكن الحضور الدفء. حضرت إليسا بكلّها، بصوتها، بكلامها، بحضورها الذي لا يشبه أحدًا. جلست أمام مروان كأنهما يستعيدان صداقة موسيقية عمرها سنين، فيها من الفن بقدر ما فيها من الذكاء، وفيها من المشاعر ما يكفي ليملأ ساعة تلفزيونية بحكايا لا تُنسى.
صوت إليسا، ذاك الصوت الذي يختصر الحنين، يحمل خشونة الحزن ورقّة الحبّ معًا. غنّت “أمري لربي” فبكينا من دون أن ننتبه، ثم قالت “سلملي عليه” فشعرنا بأننا نكتب رسالة وداع. ومع “كرمالك”، عاد الزمن، عدنا نحن، إلى تلك السنوات التي لم تكن عادية، بل صُنعت على صوتها. ثم “لو”، و”ذنبي أنا”، وأغانٍ أخرى شكّلت تاريخًا كاملاً، وكأنها تعيد التأكيد أن إليسا ليست فقط صوتًا جميلًا… إنها ذاكرة، إنها إحساس يُروى بصوت أنثوي لا يُنسى.
الذكريات لم تكن في الأغاني فقط، بل في كل تفصيل. في نظرة، في ضحكة، في دمعة مخفية بين جملة وأخرى. إليسا ذكية في الكلام كما في اختيار أغنياتها. كل تصريح منها محطة، كل كلمة تُحلَّل، كل رأي له وزنه. لا تتكلّم لتملأ الهواء، بل لتترك فيه أثرًا. وربما هذه إحدى ميزاتها الكبيرة، أنها تعرف متى تتكلّم… ومتى تغنّي.
الجمهور لم يكن يتابع حلقة فنية تقليدية، بل جلس كمن يعود إلى ألبوم صورٍ قديم، فيه مشاهد من حياته الخاصة، ولكنها مؤطّرة بصوت إليسا. هنا تكمُن قوتها… أنها لا تغني فقط، بل تعيش معنا الأغنية، فتصبح جزءًا من حياتنا، من وجعنا، من حبّنا، وحتى من وحدتنا.
“أغاني إليسا تعيش، وهذا ليس تفصيلًا.”
هي الأغاني التي نحفظها رغمًا عنّا، نرددها حين نحزن، حين نشتاق، حين نحبّ… وتبقى، ببساطة، لأنها صادقة.
وفي زمن الأغاني السريعة، تبقى إليسا استثناءً. الأغنية عندها مشروع حياة، لا مجرد إصدار. لذلك هي تعيش، ويعشقها الناس، وتبقى هي، ملكة الإحساس، ولو بعد حين.