كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon
في عرض مسرحي استثنائي، أعادت كارول سماحة تأكيد مكانتها كواحدة من أبرز نجمات الفن في العالم العربي، من خلال مسرحيتها الجديدة “كلو مسموح”. العمل الذي حبس أنفاس الجمهور منذ لحظاته الأولى لم يكن مجرد تجربة فنية، بل كان تجسيدًا حيًّا لقوة الإرادة، ومرآة لروحٍ قادرة على تحويل الحزن إلى طاقة خلاقة على خشبة المسرح.
منذ الإعلان عن العرض، كان واضحًا أن “كلو مسموح” يحمل في طياته أكثر من مجرد قصة مسرحية. فبعد فترة عصيبة عاشتها كارول سماحة عقب وفاة زوجها رجل الأعمال وليد مصطفى، لم تكسر كارول، بل بدت وكأنها زادتها عمقًا إنسانيًا وفنيًا. فقد خرجت إلى الجمهور بروحٍ متجددة، مفعمة بالحياة والتحدي، ووضعت أحزانها في خدمة الشخصية التي جسدتها، فكان الأداء نابضًا بالصدق وساحر إلى حد لا يُنسى.
عن مضمون المسرحية: الحرية على طاولة السؤال
تدور أحداث “كلو مسموح” في إطار فلسفي وإنساني جريء، يطرح تساؤلات عميقة حول معنى الحرية في المجتمعات الحديثة. هل هي مطلقة؟ أم مشروطة بالأخلاق، والتقاليد، والخوف من الأحكام المسبقة؟ المسرحية تتناول من خلال بطلتها — التي أدتها كارول ببراعة — صراع الإنسان مع القيود التي يفرضها عليه المجتمع، والدين، والذات. تتأرجح البطلة بين التمرد والامتثال، بين الرغبة في الحياة كما تريد، والخوف من أن تُدان لمجرد أنها مختلفة. هذا الطرح الجريء أضاف إلى العمل ثقلًا فكريًا جعل الجمهور لا يخرج فقط متأثرًا بالأداء، بل أيضًا متسائلًا عن حدوده الشخصية: ما الذي يُسمح لي به فعلًا؟ وما الذي أمنعه عن نفسي بدافع الخوف أو الذنب؟
أداء استثنائي يختصر مشاعر الإنسان
ما قدمته كارول على الخشبة لم يكن مجرد تمثيل. كان تجربة شعورية متكاملة، استطاعت من خلالها أن تمزج بين مشاعر الفقد، والتمرد، والانكسار، والقوة. بتعابير وجه دقيقة، وبصوت يحمل أصداء الحزن والأمل في آنٍ واحد، نقلت جمهورها إلى عوالم متقلبة بين الضحك والدموع. كل حركة، كل نظرة، كلرقصة وكل تنهيدة بدت محسوبة وملوّنة بخبرة فنانة ناضجة، تعي تمامًا كيف تحوّل النص إلى تجربة وجودية.
تجدر الاشارة الى ان المسرحية من كتابة وإخراج روي خوري، إنتاج نايلة خوري، وبمشاركة كلّ من روي خوري، فؤاد يمين، دوري سمراني، جوي كرم، نور حلو، ونزيه يوسف. وهي النسخة العربية من العمل العالمي Anything Goes.
أخيراً، مسرحية “كلو مسموح” ليست فقط مسرحية ناجحة، بل شهادة على نضج كارول سماحة الفني والإنساني. هي مسرحية كتبت بالدمع، وأُديت بالأمل، ولامست قلوب الجمهور بصدقها. في زمنٍ قلّ فيه الصدق الفني، جاءت كارول لتثبت أن المسرح ما زال قادرًا على أن يكون فعل حياة، حتى في وجه الموت.