كتب ايلي مكرزل في JnewsLebanon
بعد مرور أسبوع على انطلاق مسلسل بالدم، أصبح واضحًا أنه ليس مجرد عمل درامي عابر، بل تجربة لبنانية بحتة استطاعت أن تحجز مكانها بين أقوى الإنتاجات الرمضانية. الكاتبة ندين جابر قدّمت نصًّا محبوكًا بذكاء، يجمع بين التشويق، العمق النفسي، وتسلسل الأحداث السلس، ما جعل المشاهد مترقّبًا لكل تفصيل جديد.
على صعيد الإخراج، يقدّم فيليب أسمر رؤية فنية متميّزة تُبرز حسّه العالي في تقديم المشاهد بأسلوب مشوّق. استخدامه لتقنية الـ one shot في التصوير أضاف لمسة من الواقعية والانسيابية، ما يجعل المشاهد أكثر اندماجًا مع الأحداث والشخصيات.
أداء متميز لشخصيات مختلفة
أما الأداء التمثيلي، فتتألّق ماغي بو غصن مجددًا، مؤكّدة أنها الرقم الصعب في الدراما اللبنانية. شخصيتها في بالدم تقدّم مزيجًا من القوة والهشاشة في آنٍ واحد، حيث تنقل المشاهد بين لحظات من التوتر والضعف الإنساني ببراعة تُثبت مدى نضوجها الفني. الكيميا التي تجمعها مع بديع أبو شقرا هي من أبرز مفاجآت المسلسل، حيث يقدّمان ثنائية مميزة بعيدة عن النمطية.
من جهتها، تقدّم جيسي عبدو أداءً ملفتًا وتجسّد شخصية تطرح موضوعًا حساسًا ونادرًا ما يُناقش في الدراما العربية، وهو تجميد البويضات، حيث تُلقي الضوء على التحديات التي تواجهها النساء في هذا الإطار. أداء جيسي يعكس واقعية الشخصية، ويمنح المشاهدين فرصة للتفكير في قضايا اجتماعية مهمة، بعيدًا عن المعالجة السطحية.
أما سعيد سرحان ووسام فارس، فيقدّمان في بالدم شخصيتين مختلفتين تمامًا عن الأدوار التي سبق أن قدّماها. سعيد سرحان، يفاجئ الجمهور بشخصية تحمل أبعادًا جديدة، تجمع بين الصراع الداخلي والتطور الدرامي العميق. في المقابل، يقدّم وسام فارس أداءً متقنًا لشخصية بعيدة عن أي دور قدّمه سابقًا، حيث يُظهر جانبًا آخر من قدراته التمثيلية، ما يجعله من الأسماء اللافتة في العمل.
نخبة من النجوم تعزّز قوة العمل
إضافةً إلى ذلك، يضم بالدم نخبة من النجوم المخضرمين، مثل كارول عبود، جوليا قصار، سمارة نهرا، رفيق علي أحمد، رندى حشمة، وجناح فاخوري، الذين يضيئون الشاشة بأدائهم القوي وتجسيدهم الواقعي للشخصيات. أما مارلين نعمان، فتثبت مرة أخرى أنها ممثلة ذات طاقة استثنائية، حيث تقدّم أداءً مقنعًا يضيف الكثير إلى المسلسل.
ولا يمكن تجاهل عودة سينتيا كرم إلى الشاشة الصغيرة بعد نجاحات طويلة في المسرح، حيث استطاعت أن تخطف الأنظار بأدائها المتقن، حضورها القوي، وقدرتها على تجسيد الشخصية بكل تفاصيلها، من الصوت إلى المضمون.
لبناني بامتياز… ومنافس شرس في رمضان
ما يميّز بالدم أنه عمل لبناني بحت، استطاع أن يفرض نفسه بين أهم الإنتاجات العربية في السباق الرمضاني، من حيث النص، الإخراج، والأداء التمثيلي. رغم زحمة الأعمال، يثبت المسلسل أن الدراما اللبنانية قادرة على تقديم أعمال تضاهي الإنتاجات الضخمة، بفضل مضمونه القوي، حبكته المشوّقة، وأداء أبطاله المبدع. ومع تقدّم الأحداث، يبقى المشاهد متشوقًا لاكتشاف المزيد من المفاجآت التي يحملها هذا العمل الاستثنائي.