كتب عمر البردان في “اللواء”:
إذا سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها بعد التطورات الإيجابية التي شهدتها الساعات الماضية، وإذا لم تحدث مفاجأة، فإنه من المتوقع أن ينتخب مجلس النواب في جلسته المنتظرة قبل ظهر اليوم، قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، في حال سار «الثنائي» في ركب التأييد للقائد، بعد التأييد الداخلي الواسع الذي حظي به الرجل لهذا المنصب، مدعوماً وبقوة من جانب المجموعة الخماسية، وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية. وليس أدلّ على هذا الكلام أن هذه الدول الثلاث، قد سمت بالاسم العماد عون لرئاسة الجمهورية. بدليل عودة مسؤول الملف اللبناني في المملكة العربية السعودية الأمير يزيد بن فرحان إلى بيروت، لمتابعة مجريات الانتخاب الرئاسي لحظة بلحظة. وقد التقى لهذه الغاية بعدد من الشخصيات السياسية، من بينها المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل. وأشارت المعلومات، إلى أن المسؤول السعودي كان واضحاً في التمني على الشخصيات السياسية والنيابية التي التقاها، تسهيل وصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا، بالنظر إلى الدعم العربي والدولي الذي يحظى به. ولكون لبنان الغارق في أزماته، يحتاج شخصية توافقية مؤهلة للمرحلة المقبلة، بمستوى العماد عون.
وتكمن أهمية التنسيق الأميركي والفرنسي والسعودي في هذه المرحلة الدقيقة، في إطار خطة عمل مشتركة من أجل ترسيخ دعائم الاستقرار في لبنان، بعد إعلان وقف إطلاق النار، وما يجري من خطوات لتثبيته، وبما يضمن ترسيخ التهدئة على جانبي الحدود. وبالتالي فإن انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، سيعطي فرصة إضافية لتحقيق هذه الدعائم التي يحتاجها لبنان، وفي مقدمها توفير الدعم الضروري للجيش اللبناني الذي تنتظره مهام كبيرة في منطقة جنوب الليطاني، استناداً إلى مضمون مقترح وقف النار الذي تم التوصل إليه. وقد كانت هناك إشادة أميركية وفرنسية بخطة الانتشار التي ينفذها الجيش في منطقة جنوب الليطاني، وما يشكله ذلك من جوهر خطة العمل الفرنسية الأميركية. على أمل أن يصار إلى استكمال الخطوات الضرورية الهادفة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في جلسة اليوم، في ظل إصرار المجتمعَيْن العربي والدولي، على انتخاب رئيس وفاقي للبنان في أسرع وقت، وطي صفحة الشغور الرئاسي.
وكشفت مصادر مراقبة، أن واشنطن وباريس، إلى جانب الرياض، عملت على تأمين أوسع توافق داخلي وخارجي على شخصية قائد الجيش ليكون رئيساً توافقياً للبنان، في حين عملت «الخماسية» على تهيئة المناخات من أجل إنجاز هذا الأمر، من خلال الاتصالات والمشاورات التي قامت بها مع القوى اللبنانية، بعدما وصلت الجهود على مدى سنتين إلى حائط مسدود في ما يتصل بالانتخابات الرئاسية. ولا تخفي المصادر، أن قائد الجيش وحده الذي تقاطعت المواقف العربية والدولية حول دعم انتخابه رئيساً للبنان، سعياً لإخراج هذا البلد من أزماته. الأمر الذي يؤمل أن يكون فتح الأبواب أمام إيجاد حل لمسألة الاستعصاء الرئاسي في جلسة الانتخاب المرتقبة، باعتبار أن الفرصة باتت مؤاتية، ولا بد من التقاطها وعدم تفويتها من أجل مصلحة لبنان وشعبه. وأشارت المصادر، إلى أنه يتوقع أن تصدر مواقف عربية ودولية، بعد انتخاب العماد عون رئيساً، تبدي استعدادها لدعم لبنان في المرحلة المقبلة، لمساعدته على تجاوز التحديات التي تنتظره.
وتكشف أوساط نيابية، أن «حزب الله» لن يقف عقبة أمام انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، على ما قاله رئيس كتلته النيابية محمد رعد، بعد لقائه المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. وهذا أمر يصب في مصلحة قائد الجيش، ويرفع من حظوظه الرئاسية، سيما وأن موقف الرئيس بري وكتلته النيابية، لن يكون بعيداً من موقف حليفه. وهذا ما يعطي مؤشراً قوياً إلى أن الأجواء باتت أكثر وضوحاً، لناحية تصاعد الدخان الأبيض من الجلسة الانتخابية، بحصول العماد عون على 86 صوتاً نيابياً، أو ما يزيد، وبما يطوي صفحة الشغور الرئاسي التي دامت ما يقارب 26 شهراً. وتشير إلى أنه وبما أنه تاريخياً، كان لرئاسة الجمهورية في لبنان مفتاحان، داخلي وخارجي، حيث كان المفتاح الخارجي يكبر ويصغر، ارتباطاً بمدى قوة التماسك الداخلي اللبناني، فإن هذا الواقع لم يختلف اليوم عما كان عليه في الماضي. وفي ظل وجود توازن سلبي في المجلس النيابي. أي أن لا أكثرية أمكنها حسم اسم الرئيس، رغم كل المحاولات التي جرت، الأمر الذي عزز دور المفتاح الخارجي في الانتخابات الرئاسية.
وأشارت المعلومات بهذا الشأن، إلى أن إيران التي باتت في وضع دولي لا تحسد عليه، أبلغت حليفها «حزب الله» بضرورة تسهيل الاستحقاق الرئاسي، وألا يقف عائقاً أمام انتخاب قائد الجيش رئيساً للبنان، في ظل وجود إرادة دولية حازمة في تسريع إنجاز الانتخابات الرئاسية، بعد بروز معطيات جعلت الظروف الداخلية، تبدو مؤاتية أكثر من أي وقت مضى لحصول تقدم جدي على الصعيد الرئاسي، بعد كلام الرئيس بري بهذا الشأن، معطوفاً على المواقف الأخيرة للأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، بما يتصل بالانتخابات الرئاسية والتزام اتفاق الطائف، إلى جانب تركيز الجهود العربية والدولية، لتقريب المسافات من أجل انتخاب رئيس للبنان على مسافة واحدة من الجميع. وهو الأمر الذي تم تحقيقه بعد جهود مضنية، على أن يتوج في جلسة اليوم بانتخاب العماد عون الرئيس الـ14 للبنان.