كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
قد يكون من المبكر الحديث عن انعكاسات سقوط نظام بشار الاسد، سلباً ام ايجاباً على لبنان في الوقت الحاضر، وقبل قيام سلطة منبثقة عن الدستور والانتخابات الرئاسية والنيابية في سوريا، والسياسات التي ستعتمد في العلاقات اللبنانية السورية من مختلف جوانبها، السياسية والامنية والاقتصادية، وكيفية مقاربة المشاكل والملفات الخلافية، إن كان بالنسبة للتبادل التجاري وتصدير السلع والبضائع «الترانزيت» ومشكلة العمالة والنازحين، او بخصوص ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين وحل الخلاف حول ملكية مزارع شبعا المحتلة من قبل العدو الاسرائيلي.
ولكن، لا بد من ملاحظة جملة مؤشرات ووقائع بدأت تظهر تباعا مع سقوط النظام البعثي، وتسلُّم تحالف فصائل الثورة السورية للسلطة أولها، تبدل اسلوب تعاطي الادارة السياسة السورية الجديدة مع الواقع اللبناني رأساً على عقب، واظهار الرغبة بانفتاحها على جميع الاطراف السياسيين، وخصوصا الذين كانوا على خصومة مع النظام السابق، باستثناء حزب لله، حليف ايران، على خلفية الاستياء من تعاونه الوثيق مع الاسد طوال المرحلة الماضية، ووقوفه ضد الشعب السوري في الثورة ضد النظام الأسدي، وثانياً، إبداء رئيس تحالف فصائل الثورة احمد الشرع، حرصه على إقامة علاقات جيدة مع لبنان، ترتكز على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، أو الوقوف إلى جانب فريق دون الآخر، واحترام سيادته واستقلاله، وثالثاً، وقف عمليات نقل السلاح الايراني عبر المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية من الاراضي السورية الى داخل لبنان، بحجة تسليح حزب لله لمواجهة إسرائيل، على حساب سيادة الدولة وامنها واستقرارها، كما وقف تهريب المخدرات والاموال والبضائع والمحروقات، خارج الاطر القانونية، كما كان يحصل من دون حسيب او رقيب طوال السنوات الماضية، وقد أدى هذا الواقع الجديد إلى تقليص تأثير نفوذ النظام السوري الساقط في انتخاب رئيس الجمهورية، ولو كان بنسبة محدودة في الاونة الاخيرة، كما إلى اضعاف تحكم حزب لله في الاستحقاق الرئاسي، كما فعل بتعطيله عمدا، لانتخاب رئيس للجمهورية قبل أكثر من عامين، تحت حجج وذرائع واهية، ولحسابات محض ايرانية، على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية العليا.
وهذه الوقائع والمتغيرات الجديدة، سيكون لها نتائج مشجعة على الداخل اللبناني، بالرغم بعض الاحداث والتوترات التي تخرق الواقع السياسي والامني بالداخل السوري او على الحدود اللبنانية السورية، وهي تؤشر لانفراجات، لاسيما اذا استكملت باستقرار سياسي، وانتظام السلطة الجديدة في سوريا، ووضع النيات والتصريحات الايجابية لأحمد الشرع واعضاء الحكومة المؤقتة، بخصوص العلاقات مع لبنان، موضع التنفيذ العملي، ما يؤذن بفتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية، تفتح آفاق التعاون المفيد والمربح للبلدين، وتطوي صفحة سودواية غير مستقرة طال امدها منذ قيام دولة لبنان، يلفها الغموض، وعدم الاعتراف باستقلال وسيادة لبنان، ولم ينجم عنها، الا التوتر السياسي والامني، والاضرار بمصالح الشعبين اللبناني والسوري معاً.