يشكل التوغل الإسرائيلي في الجولان هاجس خوف من أن تكون الأطماع الإسرائيلية أكبر من ذلك، لا سيما أنها بدأت تطرق أبواب دمشق، كما تقترب كثيرًا من المعبر الحدودي بين لبنان وسوريا في المصنع. فما الأهداف الإسرائيلية الحقيقية من التوغل وضرب المصالح العسكرية السورية؟
يعتبر الخبير العسكري العميد المتقاعد بسام ياسين في حديث إلى “ليبانون ديبايت” أن إسرائيل تنتهز فرصة غياب الدولة والمرحلة الانتقالية في سوريا وعدم وجود معالم تشكيل دولة، وبالتالي تحاول تحقيق هدفها، لا سيما أن الخريطة التي أعدتها للمنطقة تضم دمشق ضمنها، أي أنها قد تنطلق من جنوب سوريا وصولًا إلى دمشق، لا سيما أنه لا يبعد أكثر من 40 كيلومترًا عن دمشق و8 كيلومترات عن المصنع اللبناني، فلا يمكن توقع ما قد تفعله إسرائيل.
كما يلفت إلى أن إسرائيل استغلت غياب المجتمع الدولي الذي يمكن أن يوقفها، وبغطاء أميركي وغياب الدولة السورية والأمة العربية برمتها لتحقيق أهدافها.
أما فيما يتعلق بالغارات المكثفة التي استهدفت مرافق حيوية وعسكرية في سوريا مع سقوط النظام، فيوضح أن الهدف هو تدمير كل السلاح السوري حتى لا يتمكن أي نظام أو دولة جديدة في سوريا من تشكيل جيش قوي لديه قدرات تمكنه في المستقبل من مقارعة إسرائيل، إلا أنه يعتقد بأن السلاح في سوريا اليوم لا يشكل أي تأثير على إسرائيل، والجيش الذي سيتم تشكيله سيكون له دور بوليسي أكثر من أن يكون حارسًا لحدوده.
وينبه أن هذه الضربات تسمح لإسرائيل بحرية حركة في جنوب سوريا وفوق سوريا، لا سيما مع عدم وجود أي جيش يمكن أن يقف في وجهها. ويؤكد أن تحديات كبيرة ستواجه تشكيل الجيش في سوريا، لأن تسليحه يكون عادة من مصدرين: إما شرقي من روسيا وهذا أمر مستبعد لأن الثوار سيكونون على تنافس معها، لذلك سيلجأون إلى المصدر الثاني، وهو الغرب، ولكن للحصول على الأسلحة من هذا المصدر فإن الأمر يتطلب الرضا الإسرائيلي، وبالتالي ستكون دولة ضعيفة بدون سلاح لجيشها.
ويذكر فيما يتعلق بالتوسع الإسرائيلي في الجولان، بما قاله الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي قال إن مساحة إسرائيل صغيرة نسبة إلى دورها الهام ويجب عليها التوسع، والآن يستغلون “اللقمة السائغة” أمامهم وهي سوريا، ويمكن أن يكون التوسع الإسرائيلي على حسابها.
أما عن احتمال اعتماد السيناريو الإسرائيلي نفسه في الجنوب اللبناني والتوسع على حسابه، فيلفت إلى أن المؤشرات تشير إلى أن هناك انسحابًا إسرائيليًا في الجنوب. ويذكر بأن لبنان مختلف عن سوريا لجهة تنوعه وعلاقاته الدولية ووقوف الكثير من الدول إلى جانبه، والذين يمنعون أن تُحتل أرضه من جديد. إضافة إلى أن شعب الجنوب شعب مقاتل، فلو تآمر العالم كله عليه، فلن يقصر في الدفاع عن أرضه، وهذا ما حصل في السابق، وحتى إنه مستعد للمقاومة بالحجر.
وماذا عن مصير الجيش السوري وعديده؟ هل سيتم استيعاب عناصره؟ يلفت إلى ضرورة انتظار تشكيل حكومة في سوريا وانتخاب رئيس، وبالتالي ما إذا كان ضمن رؤية وزارة الدفاع الاستعانة بعديد من هذا الجيش وكيف سيتم تشكيل الجيش وما حجمه. لكنه يلفت إلى نقطة هامة أن عديد الجيش السوري كان كبيرًا نسبة إلى المهام التي كان يقوم بها في حالة الحرب، ولكن لم يعد هناك من حاجة لضبط الحدود مع تركيا ولا توجد مشاكل مع الأردن أو لبنان كما هو مفروض. ويبدو أنه لا مشكلة مع إسرائيل لدى الفصائل، وبالتالي فإن عديد 750 ألف جندي رقم كبير وقد يتم تشكيل جيش لا يتجاوز عدده الـ100 أو الـ200 ألف جندي.
أما عن احتمال أن تشكل سوريا مشهدية أخرى عن ليبيا بعد معمر القذافي، فيقرأ المر من زاوية ثابتة بأن أي مشهد لا يتكون إلا عبر “الروموت كونترول” الأميركي. فإذا كان الهدف سوريا مدمرة فإنه سيؤجج الفتن بين الفصائل، وإذا أراد لها دولة قوية فيمكن بلحظة ما إعادة قيامتها، مذكرًا في هذا الإطار بما حصل بين الصرب ويوغسلافيا وتشيكيا، حيث في لحظة ما استتبت الأمور.
أما عن احتمال أن تتعرض العراق أو اليمن أو إيران لسيناريو مشابه للسيناريو السوري، فيذكر أنه قد حذر من هذا سابقًا، فبعد الانتهاء من سوريا، ستبدأ الأحداث في أكثر من دولة، لا سيما الأردن. ولا يجب على أحد أن ينسى الأردن من الأطماع الإسرائيلية، لأن مشروع الدولة الفلسطينية هو على الأراضي الأردنية.