كتب شربل مخلوف في “المركزية”:
بعد آذار العام 2008 أنكر النظام السوري وجود أي لبناني معتقل في سجونه، بعدما أطلق حينها 100 منهم من مراكز اعتقال موزّعة في أنحاء البلاد. وإن كَثُرَت الأحاديث والوثائق عن هذا الملف الذي كان واحداً من أهم الملفات التي خاطب فيها الرئيس ميشال عون الوجدان المسيحي من منفاه القسري في فرنسا، وأفضى خطابه حوله إلى تكثيف الحالة “العونية” في الأوساط المسيحية آنذاك.
بعد سنوات على طمس القضية واعتبار من لم يطلق سراحهم وكأنهم في عداد الاموات مبدئياً، ونكران وجود أي معتقل في السجون السورية، بعلم او بجهل من الرئيس عون الذي تحالف حينها بقوة مع حزب الله حليف النظام السوري وزاره معلنًا فتح صفحة جديدة، فوجئ اللبنانيون أمس بإعلان “هيئة تحرير الشام” إطلاق سراح سجناء لبنانيين من سجن حماة في سوريا، على وقع تقدمها والفصائل السورية المسلحة الأخرى والسيطرة على المناطق الخاضعة للنظام السوري.
خبر أثلج قلوب لبنانيين كثر كانوا على قناعة ان ابناءهم معتقلون في سوريا ولم يفقدوا الامل ببقائهم على قيد الحياة، نسبة لخبرتهم مع هذا النظام، الا انهم لا ينفكون يسألون عن اسباب وخلفيات انكار حلفاء النظام السوري وجود لبنانيين في سجونهم طوال عقود من الزمن واستتباعا ما الهدف من الاحتفاظ بهم داخل سجون نظام الأسد؟
يقول النائب وضاح الصادق لـ “المركزية”: “هكذا تعمل الأنظمة الاستبدادية. ثمة جنود دخلوا الجيش السوري كي يؤدوا خدمة العلم لمدة سنتين فأبقيوا لمدة 12 عاما ولم يعرف أحد مصيرهم .هذا حصل قبل اندلاع الحرب السورية، فما حال المسجون اللبناني الذي يمعن النظام السوري في اذلاله كي يموت في سجونه. هذا أمر طبيعي لدى هذه الأنظمة”.
وعن جهود الرئيس عون بشأن الأسرى، يشير إلى ان “عون كان من أشد المعارضين للنظام السوري حيث كان يعلم عدد الأسرى اللبنانيين في السجون السورية”، لافتا إلى أنه “عندما تحالف مع النظام السوري بدأ يؤيده وأصبح مكونا أساسيا من محور الممانعة الذي بفضله وصل إلى رئاسة للجمهورية”.
ويضيف: “بعد وصوله الى سدة الرئاسة كان يفترض أن يطالب بهؤلاء الا انه أعلن أن ليس من أسرى داخل السجون السورية ،وكان لاعلانه هذا وقع سيء جدا على اهالي المعتقلين. للأسف اتباع هذا المحور تخلوا عن الأسرى اللبنانيين كي يبقى محورهم “.
ويتابع: “الأمر لم ينته في سجن حماة بل هناك العديد من السجون تحوي معتقلين لبنانيين، لذلك يجب إنتظار التطورات ونأمل بأن يخرج جميع الأسرى من سجون النظام السوري، والفرح الذي ارتسم بالأمس على وجوه اللبنانيين حينما علموا بأن أفرادا من عائلات عانت اشد العذابات خرجوا من سجن حماة وانتهت معاناتهم نأمل ان يتكرر”.
من جهته، يؤكد أمين سر لجنة المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي أبو دهن لـ “المركزية” أنه يتابع تحركات المعارضة السورية عن كثب فهم لم يحرروا فقط المعتقلين اللبنانيين بل قاموا بتحرير السجناء السياسيين المتواجدين في حماة، لافتا إلى أن هذا أمر مهم ويفتح صفحة بيضاء ونأمل أن نرى هذا المشهد في سجني صيدنايا وعدرا في حمص بسبب وجود الكثير من المعتقلين اللبنانيين هناك.
ويضيف: “المشهد كان جميلا أمس واشد على أيادي الثوار أن يكملوا في المسار الصحيح ولا يرتكبوا أخطاء قاموا بها في بداية الثورة. أما من ناحية اللبنانيين المفرج عنهم فثمة معتقل يدعى علي حسن علي تم التأكد من هويته عبر شقيقه الذي قال أنه يشبهه ويشبه عمه، و هذه بادرة خير”.
ويتابع: “هناك صورة أخرى لمعتقل لبناني كان مع علي ولكن لم يتم التعرف عليه وهذه مشكلة كبيرة ،قمت بنشر صورته على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى هذه اللحظة لم يستطع أحد أن يتعرف عليه”.
وعن السياسيين الذين نفوا وجود معتقلين، يشير إلى أن هؤلاء تعرضوا إلى صفعة قوية في تاريخهم السياسي، لافتا إلى أنهم لم يتعاملوا بجدية في إدارة هذا الملف، على اهميته.
ويختم: “اشكر القوات والكتائب اللبنانية والتنظيم الاسلامي لوقوفهم الى جانبنا وتصديقنا. هذه الأحزاب لديها عدد كبير من المعتقلين داخل السجون السورية، أما باقي الأحزاب فأنكرت وجود معتقلين وقامت باعتقالنا ووضعنا داخل سجون الاحتلال السوري، لذلك نتمنى أن يستكمل تحرير الاسرى اللبنانيين في كل السجون السورية حتى يتم فضح كل من كان يُكذّبنا”.