جاء في “الجريدة” الكويتية:
كشف مصدر أمني إقليمي رفيع لـ «الجريدة» الكويتية، أن الولايات المتحدة رفضت فكرة ضم مقاتلي «حزب الله» إلى الجيش اللبناني، لكنها في المقابل ترحب وتدعم تسليم الحزب أسلحته الثقيلة للجيش اللبناني، حتى وإن جرى ذلك من دون إعلان، مضيفاً أن واشنطن وعدت بمنح لبنان مساعدات مالية وعسكرية «كبيرة ومؤثرة»، في غضون أيام معدودة، في حال وافق الحزب على تسليم أسلحته للدولة اللبنانية.
وكان مصدر رفيع بوزارة الخارجية الإيرانية، قال لـ «الجريدة» الكويتية، إن طهران قدمت مقترحاً لبيروت ينص على تسليم «حزب الله» سلاحه الثقيل للجيش اللبناني، على أن يتطوع ضباطه المدربون على استخدام هذه الأسلحة في الجيش، ويكونون تحت إمرة الحكومة. وأفاد المصدر في تقرير نشرته «الجريدة» في عددها الصادر أمس الأول، بأن طهران لم تتلق أي جواب من لبنان، مرجحاً أن يكون ذلك بسبب ضغوط أميركية على الحكومة. وجاءت هذه الأنباء، غداة تمديد مجلس النواب اللبناني، بحضور وموافقة نواب «حزب الله»، لقائد الجيش العماد جوزيف عون، للبقاء في مهامه، في حين بدأت وحدات الجيش بالانتشار وتنفيذ مهام أمنية ولوجستية مختلفة في منطقة جنوب نهر الليطاني، تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية وفرنسية.
إلى ذلك، ذكر المصدر الأمني الإقليمي لـ «الجريدة»، أن المبعوث الأميركي آموس هوكستين، مهندس و«نجم» اتفاق وقف النار في لبنان، حصل من رئيس مجلس النواب نبيه بري على تعهد بأن يلتزم «حزب الله» بالانسحاب من منطقة جنوب الليطاني، وأن ينسق مع الجيش اللبناني مسألة سحب سلاحه الثقيل، مشيراً إلى أن بري قال للمبعوث الأميركي، إن الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم، وعلي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي زار بيروت أخيراً، تعهدا أمامه بذلك، وأنه يضمن التزام الحزب.
وبالتزامن مع وصول الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز الذي سيترأس لجنة المراقبة لآلية تطبيق القرار 1701 إلى بيروت، وبانتظار وصول الجنرال الفرنسي، زادت إسرائيل خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، إذ يومياً يشنّ الجيش الإسرائيلي غارات على مناطق مختلفة في الجنوب تحت عنوان ضرب مواقع ومنصات صواريخ تابعة للحزب.
كما يواصل الجيش الإسرائيلي فرض إجراءات قاسية جداً لمنع اللبنانيين من التحرك في قرى الشريط الحدودي وفي أكثر من 62 قرية جنوبي نهر الليطاني. خطة انسحاب «حزب الله» الجيش اللبناني يعمل على تسجيل كل الخروقات وإبلاغ الجنرال جيفرز بها، وسط معلومات تفيد بأنه مع بدء عمل اللجنة، سيتم وقف الخروقات الإسرائيلية، على أن تكون خطة خروج «حزب الله» بسلاحه الثقيل من منطقة جنوب الليطاني قد توضحت. وإلى جانب الدور العسكري الذي سيلعبه الجنرال الأميركي، فإن المبعوث آموس هوكشتاين سيكون هو الرئيس المدني لهذه اللجنة، ما سيعطي الرجل المزيد من الدور في المرحلة المقبلة لما بعد تطبيق الاتفاق وانتخاب رئيس للجمهورية وتثبيت عملية ترسيم الحدود البرية، وهو الذي يريد أن ينسب لنفسه انجازاً جديداً في لبنان بعد انجاز ترسيم الحدود البحرية.
تأتي هذه التطورات في ظل كلام نوعي أطلقه الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أمس الأول. وفي مقابل حديث قاسم عن انتصار الحزب في الحرب، وهو كلام وصف من قبل خصوم الحزب بأنه غير واقعي بتاتاً، طرح الأمين العام الجديد مساراً سياسياً مختلفاً جداً، يمكن في حال تطبيقه أن يفتح مرحلة جديدة للبنان، لا سيما أنه بدا متقاطعاً مع كلام الرئيس نبيه بري ومعاونه السياسي، حول رفض إبقاء لبنان كساحة، ورفض منطق التخوين، وتعزيز منطق الدولة.
حدد قاسم خلاصة كلامه بخمس نقاط، هي: إعادة الإعمار، إعادة تشكيل السلطة وانتخاب رئيس للجمهورية، الحفاظ على الوحدة الوطنية تحت سقف اتفاق الطائف، والحفاظ على وجود حزب الله ودوره سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. أما النقطة الأهم فهي الخامسة، وقال فيها: «سنعمل على تعزيز قدرة لبنان الدفاعية، وستكون المقاومة جاهزة لمنع العدو من استضعاف لبنان بالتعاون مع الجيش اللبناني». هذه النقطة التي تفتح الطريق أمام مسار جديد حول تعزيز الدور السياسي للحزب على حساب الدور العسكري، وتؤسس لبحث جدي في الاستراتيجية الدفاعية، أو إيجاد آلية لتغيير الوضعية القائمة حالياً إلى وضعية جديدة. يأتي هذا الموقف بما يحمله من تحولات، بنتيجة قراءة واقعية للتطورات والأحداث وحجم الضغوط الدولية حول تغيير الوقائع العسكرية في لبنان، خصوصاً في الجنوب، الذي سيكون الحضور الأكبر فيه للجيش اللبناني وفق المطالب الدولية وبناء على موافقة حزب الله. وصل حزب الله إلى قناعة أن المرحلة الحالية تقتضي الواقعية أمام الموج الدولي المرتفع. ولذلك يعزز الحزب من الطروحات السياسية لمرحلة ما بعد الحرب، مع التأكيد بأن الحزب دعم فلسطين في كل مسيرته عسكرياً، وسيستمر في دعمها بطرق أخرى. وأعلن قاسم الموافقة على الاتفاق ومضمونه ورحب بدخول الجيش إلى الجنوب. وهذا تأكيد على التعاطي بواقعية مع التغيير المفترض.