مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل حيز التنفيذ، بدأت تتضح معالم الاتفاق الذي يحمل ضمنياً أبعاداً سياسية وأمنية إقليمية ودولية تتجاوز مجرد وقف العمليات القتالية. يبدو أن الاتفاق، الذي صيغ تحت مظلة دولية بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا، لا يقتصر على بنود أمنية فقط، بل يضع خريطة طريق جديدة للبنان في إطار التحولات التي يشهدها الشرق الأوسط. وتبدأ معالمه في الظهور من خلفيات وكواليس الاتفاق.
هذا الاتفاق، الذي يثير الجدل، يأتي محملاً بتحديات داخلية وخارجية، منها الالتزام بتفكيك البنى التحتية العسكرية، وتقليص النفوذ الإيراني، وإعادة بسط سيطرة الدولة اللبنانية. وبينما يُنظر إليه كفرصة لإعادة الاستقرار، تبقى الأسئلة حول قدرة لبنان على تجاوز خلافاته السياسية وتنفيذ البنود المطروحة مفتوحة على الاحتمالات كافة.
في قراءة معمقة لنص اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل، يكشف مصدر دبلوماسي غربي تابع عن كثب أجواء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، بمشاركة أطراف إقليمية ودولية عدة. يعتبر الاتفاق خطوة أولى لتثبيت الاستقرار في الشرق الأوسط، وبالتالي يمكن اعتباره أول اتفاق مع إسرائيل ضمن سلسلة اتفاقات ستوقع تباعاً خلال المرحلة المقبلة.
وأوضح المصدر أن تفاصيل الاتفاق لا يمكن حصرها فقط في البنود الـ13 التي أعلنت، إذ هناك بنود غير معلنة تم التوافق عليها لتكون ضمانات وإجراءات على عاتق أميركا، التي سترأس اللجنة المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وما يرتبط به من قرارات دولية.
وأكد المصدر أن القرار الدولي رقم (1701) بكامل مدرجاته وبنوده، بما فيها القرارات السابقة (1559) و(1680)، هي ضمن الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من 27 تشرين الثاني 2024، وسينفذ على ثلاث مراحل. المرحلة الأولى تمتد لمدة 60 يوماً، مع التركيز على الترتيبات الأمنية والحدودية بين لبنان وإسرائيل. تليها مرحلة إعادة تفعيل السلطة في لبنان التي ستكون الضامن القانوني والشرعي للاتفاق، حيث تعهد الجانب اللبناني بالإسراع في انتخاب رئيس للبلاد خلال فترة قصيرة، وفقاً للمعايير التي سبق أن أعلنتها اللجنة الخماسية الدولية، ويليها تشكيل حكومة جديدة. أما المرحلة الثالثة، فستكون أساسية لاستكمال البنود المتبقية من القرارات الدولية، باعتبارها منبثقة من روحية الدستور اللبناني.
وفي إطار تأكيده دخول لبنان مرحلة استقرار طويلة، يلفت المصدر إلى أن الجانب اللبناني أكد أن “حزب الله” تنازل وتخلى عن وحدة الساحات، ولو استمرت الحرب في قطاع غزة أو اندلعت أي مواجهة أخرى. كما تم التأكيد أنه لن يُسمح لأي سلاح بدخول لبنان إلا للجيش اللبناني، الذي سيستكمل سريعاً إنهاء وجود الحزب العسكري بالكامل من جنوب الليطاني ومناطق أخرى شمال الليطاني، والتي تم تحديدها ضمن تعديلات على خط الليطاني سميت بـ “الخط 2024”.