كتبت فاتن الحاج في الاخبار
رغم دعوات روابط الأساتذة والمعلمين إلى تأجيل العام الدراسي، وإن لوجستياً، بقي وزير التربية عباس الحلبي متمسّكاً بموعد 4 تشرين الثاني لانطلاقة التعليم في المدارس والثانويات الرسمية، محدداً مسارات التدريس فيها، ومنها اعتماد التعليم الحضوري حصراً، في المدارس والثانويات غير المعتمدة مراكز إيواء وموجودة في مناطق «آمنة»، واعتماد التعليم الحضوري في أحد أبنية المدارس والثانويات الرسمية ودور المعلمين المجاورة، إذا كانت المدارس معتمدة مراكز إيواء وموجودة ضمن مناطق «آمنة». أما المدارس والثانويات المقفلة لأسباب أمنية فتعتمد التعليم من بعد بإدارة مدير المدرسة والثانوية، ويمكن التلميذ أن يختار إما الدراسة الحضورية في المدرسة التي يرغب في المتابعة فيها أو متابعة الدراسة «أونلاين»، وليس الخيارين معاً، على أن يبقى تسجيله ساري المفعول في مدرسته الأساسية في كل الحالات.
توضيح المسارات لا يلغي أن عقبات العودة إلى الصفوف ليست إدارية، إنما تربوية ونفسية، وهي اعتبارات لا تجد مكاناً لها في قرارات الوزير وتعاميمه، ولا تدخل، أيضاً، في أولويات روابط الأساتذة والمعلمين التي أثنت على قرار الوزير في الحفاظ على كيانات المدارس المقفلة بفعل العدوان الإسرائيلي. فالموضوع الأهم بالنسبة إلى رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي، كما جاء في بيانها أمس، هو صدور قرار بتحديد قيمة بدل الإنتاجية وموعد تسديدها للمعلمين، لذلك دعت الأساتذة إلى الامتناع عن الحضور في انتظار «البدل» الذي سبق أن حدّدته بـ 600 دولار بدلاً من 300 دولار. إلا أن البيان انطوى على شيء من الالتباس، فمن جهة طالبت الرابطة بما سمّته «التأجيل اللوجستي» لمدة أسبوع ريثما ينظّم المديرون برامجهم، وبالتالي فإن المشكلة، كما تراها، هي تقنية وإدارية فحسب، ومن جهة أخرى دعت الأساتذة إلى عدم الحضور حتى جلاء قيمة بدل الإنتاجية، علماً أن مجلس الوزراء وضع تحديد القيمة عند وزير التربية.
وفيما تحفّظت الرابطة على التدريس في دوام مسائي متأخر، ناشدت السماح للمدارس التي تحوّلت إلى مراكز إيواء بالتدريس الحضوري أو «أونلاين»، وبالطريقة نفسها التي سمحت للمدارس الخاصة، من دون أن تطالب وزارة التربية بتأمين مقوّمات التعليم عن بعد، ولا سيما أن معظم التلامذة والأساتذة النازحين غادروا منازلهم على عجل من دون أن يحضروا أجهزتهم الإلكترونية، إلا إذا وافقت الرابطة على أن يدرّس المعلمون، عبر تطبيق «واتساب»، وهو ما سيحصل عملياً في بعض المدارس التي أبلغت إداراتها معلميها بذلك.
من جهتها، بقيت رابطة أساتذة التعليم الثانوي على موقفها من «العودة المرهونة بإزالة الهواجس والأسباب»، كما قال رئيسها حيدر إسماعيل لـ «الأخبار»، مثنياً على قرار الوزير لجهة الحفاظ على كيانات المدارس، «لكنّ العبرة في التطبيق وأهمية ربط القرار بتحديد بدل الإنتاجية».
على بعد يوم واحد من بدء العام الدراسي، لم يجب قرار الحلبي على أسئلة المديرين في المدارس المعتمدة كمراكز إيواء، وهي: ماذا سيقولون لمعلميهم وتلامذتهم الذين تسجّلوا في مدارسهم عن مكان التدريس وتوقيته، أي قبل الظهر وبعده، وشكله إذا كان حضورياً أو «أونلاين»، وكيف ينظّمون البرامج ويوزعون الحصص الدراسية، ولا سيما أنهم يداومون طيلة قبل الظهر لمتابعة احتياجات النازحين في مدارسهم. وعلمت «الأخبار» أن بعض المدارس الخاصة في زحلة وجبل لبنان المعتمدة للتعليم بحسب لوائح وزارة التربية أبلغت المعلمين الذين قصدوها للتعليم فيها بأنها لم تتبلغ بعد القرار من الوزارة.
في السياق، أشار الباحث في التربية نعمه نعمه إلى أن الحلول الإدارية التي تقترحها الوزارة هي «حلول غير تربوية أحادية البعد، ولا يمكن تحقيق النجاح فيها دون الأبعاد الأخرى، ولا سيما النفسية والاجتماعية والاقتصادية والنزوح»، كما أن العودة إلى الصفوف «يجب أن تمر بمرحلة انتقالية تمهيدية تتضمن الدعم النفسي وتدريب المعلمين على الإسعافات الأولية النفسية من أجل امتصاص الصدمة والتعاطي مع حالات الحرب والنزوح وتداعياتها على الأطفال الذين باتوا يعبّرون عن مشاعرهم بصعوبة، ويعاني بعضهم من القلق والعنف والتبول اللاإرادي، ولا يمكن للتعليم الكلاسيكي (الجلوس في الصف أو على الشاشة 7 ساعات يومياً) أن يحل هذه المشاكل». ولفت إلى أن «المعلمين أنفسهم يحتاجون إلى دعم نفسي وإطار تنظيمي وراحة وطمأنينة خاصة بهم حتى يستطيعوا التعليم وإعادة التلامذة إلى إيقاع العملية التعلمية».