في لحظة دقيقة يتعرض فيها لبنان للعدوان الإسرائيلي وللحصار المالي بعد البري نتيجة إدراجه على لائحة الدول غير المتعاونة في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وبينما يواجه اللبنانيون خطر الموت وأكثر من مليون منهم يعيشون في مراكز إيواء بعدما نزحوا عن منازلهم، تأتي الخطوة القضائية المستغربة ضد بعض المصارف والتي تحمل في طياتها مؤشرات “إنتقائية” تلامس حالة التجاذب والإنقسام السياسي الذي ساد قبل الحرب وانعكس في أكثر من مجال.
ومن المفيد الإشارة إلى ان توجيه سهام الاتهام إلى بعض المصارف أو إلى القطاع المصرفي في ظل الظروف المالية الدقيقة والصعبة وغير المسبوقة، لا يخدم كل الجهود والمساعي التي يبذلها مصرف لبنان المركزي والقطاع المصرفي من اجل الالتزام بالمعايير الدولية وتجنيب لبنان اي تصنيف كارثي، خصوصاً وأن السبب الأساسي وراء إدراج مجموعة المال الدولية لبنان على اللائحة الرمادية، هو توجيه الاتهام من قبل بعض القضاة إلى المصارف بتبييض الأموال زوراً، وبسبب عدم تحويلهم بعض االاموال لمودعين تقدموا بشكاوى قضائية، بينما الكل يعرف ان تبييض الاموال هو تهمة مختلفة ومعروفة ولا علاقة لها برفض اي مصرف القيام بدفع او تسديد او تحويل وديعة إلى مودع لديه.
وقد يكون السؤال الابرز هو عن التوقيت غير الموفق والذي قد يفهم وكأنه جزء من التواطؤ الخارجي على لبنان المتروك امام عدوان تدمير مستمر منذ اكثر من شهر، وبالتالي فإن دق مسمار جديد في نعش الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي المأزوم أساساً، لا يخدم إلا أعداء لبنان، خصوصاً وان المودع لن يستفيد من فتح هذه الدعوى مجدداً وخلال فترة لا تزيد عن ٤ اشهر.
واللافت أنه قبل أشهر معدودة من إحالتها إلى التقاعد، نشطت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، على خط استكمال الدعاوى التي كانت قد عملت عليها في السنوات الماضية، وذلك دفعة واحدة وبشكل متواز وبطريقة لافتة.
وعلم موقع LebTalks أن القاضية عون ادعت في الأيام الماضية والتي تلت إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، على رئيس مجلس إدارة بنك “الموارد” مروان خير الدين، بتهمة تهريب الأموال، وأحالت القضية إلى قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور.
وتركز هذه الدعوى على رفض المصرف تحويل مليوني دولار لأحد المودعين والذي يعود إلى امتناع “الموارد” عن المفاضلة بين المودعين وتأمين حقوق مودع على حساب مئات المودعين الصغار.