كتب نادر حجاز في موقع mtv:
تكشف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة في جنوب لبنان حقيقة النيّات المبيّتة، والمخططات التي تنوي إسرائيل تنفيذها في لبنان. فطبيعة العمليات العسكرية عند المنطقة الحدودية تتعدّى الاشتباكات مع مقاتلي حزب الله إلى ما هو أخطر من ذلك بكثير.
تواظب إسرائيل منذ أيام، وفي مشاهد مؤلمة، على تفخيخ قرى جنوبية بأكملها لا سيما في محيبيب ومركبا ويعروب ويارون وحولا وسواها، كما القيام بأعمال جرف لأحياء بعد تدميرها كما حصل في كفركلا.
تساؤلات كثيرة تُطرح حول خلفية هذا التدمير الممنهج والمقصود لقرى تشكّل الخط الأمامي من الحدود، ما يثير القلق حول ما تخطّط له تل أبيب. وكل ذلك وسط تعتيم إعلامي عالمي وصمت المجتمع الدولي الذي لا يعير أي اهتمام لهكذا أعمال عسكرية تُعتبَر احتلالاً جديداً وانتهاكاً لكل القوانين الدولية، كما لحقوق الإنسان في ظل تدمير ممتلكات ومنازل ومنشآت مدنية.
تشبه الصور القادمة من جنوب لبنان ما حصل في قطاع غزة، الذي حوّلته آلة الحرب الإسرائيلية إلى ركام، مقطّعة أوصاله ومحوّلة مساحات شاسعة منه إلى أراض محروقة. فهل يتكّرر المشهد الآن في لبنان؟
يتوقّف العميد المتقاعد ناجي ملاعب عند ما يحصل في الجنوب، مستعيداً المشهد في غزة، مذكّراً في حديث مع موقع mtv بما فعله العدو الإسرائيلي من تدمير ممنهج في شمال القطاع، بعد إنشائه محور نتساريم بمسافة ٥٠٠ متر من الغرب إلى الشرق، حيث قضى على الأنفاق هناك وقطع أوصال غزة. وقال: “كانت حجة إسرائيل أنها تقوم بإنشاء منطقة عازلة في شمال غزة تمنع المقاومة الفلسطينية في المستقبل من شنّ عملية ٧ أكتوبر جديدة”.
وبالمقارنة مع هذا الواقع في القطاع، يحذّر ملاعب قائلاً: “يبدو أن الإسرائيلي في جنوب لبنان يحاول القيام بالأمر نفسه والأسلوب نفسه، ويعمل على إيجاد منطقة عازلة، بحيث لا تستطيع المقاومة التواجد فيها مستقبلاً والتخطيط لعملية شبيهة بـ٧ اكتوبر من جنوب لبنان”.
ويضيف “هذا الظاهر، أما حقيقة الأمر فهي أن الإسرائيلي يريد وضع قدمه في الجنوب بشكل يبعد أي خطر قد يشكله تواجد حزب الله هناك، وبالتالي فرض شروطه بعد تثبيت قدمه على الأرض”.
تتقاطع هذه المعطيات الميدانية مع معلومات تفيد بأن إسرائيل تطمح لفرض منطقة حدودية عازلة خالية من السكان على طول الحدود، لتليها منطقة عازلة ثانية وصولاً إلى نهر الليطاني تنتشر فيها قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” والجيش اللبناني.
هذا الواقع لا ينفصل عن بدء الحديث عن انتهاء زمن القرار 1701، رغم الإصرار اللبناني الرسمي على تطبيقه كاملاً، إلا ان المصادر المتابعة لزيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين تؤكد أنه أغلق الباب على القرار بصيغته السابقة، وقالها صراحة بأنه لم يعد كافياً. فالشروط الإسرائيلية باتت تذهب أبعد من ذلك وتريد إرساء واقع حدودي جديد لا يشبه ما كان عليه قبل الثامن من أكتوبر، والممارسات الميدانية وعمليات القضم للجنوب خير دليل على هذه الإرادة.
لكن يبقى الحكم للميدان، حيث لا تزال المعارك دائرة، ومن المبكر حسم نتائجها الآن. إلا أن آلة الحرب الإسرائيلية ترتكب في هذه الأثناء أبشع الجرائم بحق القرى اللبنانية الحدودية، مدمّرة معالمها وأحيائها بعدما هجّرت أهلها.