منذ تشرين الأول من العام 2019 أو تاريخ الإنهيار المصرفي والمالي، لم يشهد القطاع الإقتصادي أزمةً شبيهة بالأزمة الحالية وبالخسائر التي راكمتها حرب الإشغال ومساندة غزة على الإقتصاد اللبناني، حيث أن الكلفة المباشرة والتي يقدرها الكاتب والخبير الإقتصادي ميشال قزح بملياري دولار شهرياً، هي النتائج الأولية مع مرور عام على بدء هذه الحرب. وفيما لا تزال المؤشرات السلبية تتوالى مع تصاعد وتيرة هذه الحرب واتساع رقعتها لتطال أكثر من منطقة، بدأت أكثر من شركة ومؤسسة لبنانية وأجنبية، تضع خطط طوارىء للإنتقال من لبنان ومباشرة العمل في الخارج تحسباً لمرحلة طويلة من الحرب والإستنزاف.
وفي هذا الإطار، يؤكد الخبير قزح لـ”ليبانون ديبايت”، وجود توجه لدى بعض الشركات الخاصة لنقل مكاتبها ولو بشكل مؤقت إلى خارج بيروت وإلى دول مجاورة مثل الأردن أو قبرص، وذلك حتى بلورة المشهد في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن الإنطباع السائد بأن لبنان يتجه إلى تكرار مشهد الحرب الأهلية أو أن هناك غزواً برياً إسرائيلياً للجنوب وقد يتمدد باتجاه العاصمة، ولكن هذا الإنطباع خاطىء مئة بالمئة.
ويستند قزح في مقاربته إلى أن فترة التصعيد لن تطول لأكثر من أسابيع معدودة، تليها مرحلة من الإستقرار مع تطبيق قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمها القرار1701 ، حيث أنه لن يكون بمقدار لبنان بعد اليوم، البقاء خارج إطار الشرعية الدولية، وبالتالي فإن إعادة تكوين السلطة واحترام الإستحقاقات الدستورية، لن تكون بعيدة خلافاً لكل ما يتم الحديث عنه في الوقت الحالي.
وعن التداعيات الإقتصادية المباشرة، فيشير قزح إلى أنه وبالإضافة إلى 24 مليار دولار من الخسائر حتى اليوم، فإن الإقتصاد يشهد تباطؤاً غير مسبوق وهذا الرقم لا يزال أولياً، إذ أن هناك مناطق قد تهدمت بالكامل ومؤسسات تجارية وسياحية وصناعية وزراعية أقفلت أبوابها، وبالتالي فإن هذه الأرقام مرشحة للإرتفاع خلال المرحلة المقبلة.
وحول المرحلة التالية إقتصادياً، يكشف الخبير قزح عن مرحلة من الفوضى الخطيرة التي تنتظر لبنان داخلياً بسبب أزمة النزوح التي لن تجد أي حلول مناسبة لها في المدى المنظور فيما بات فصل الشتاء على الابواب وهو ما سيزيد من معاناة العائلات النازحة والتي تقيم في مراكز الإيواء في المدارس والجامعات الرسمية.
وعن هذه الفوضى، يوضح قزح أنها تعود إلى المشاكل والإشكالات والحوادث الأمنية التي بدأت تشهدها الساحة الداخلية كأعمال مصادرة المنازل والأملاك العامة والخاصة وسرقات وأعمال خطف للحصول على فدية وغيرها من الجرائم التي سيقوم أشخاص يائسون ليس لديهم ما يخسرونه بعدما خسروا كل شيء.
إلاّ أن مرحلة الفوضى لن تطول، كما يضيف قزح، الذي يؤكد أنه مع بدء بسط سلطة دولة القانون والمؤسسات، فإن هذه المرحلة لن تستغرق أكثر من 6 اشهر، من دون أن يكون هناك انعكاسات مباشرة على المسار الإقتصادي، إذ أن الإقتصاد القائم على القطاع الخاص سيكون قادراً على الصمود والإستمرار.
وينفي قزح أي تحولات بسعر الصرف مشدداً على أن مصرف لبنان المركزي قادر على تطويق واستيعاب أي اضطراب مالي خصوصاً وأن الكتلة النقدية بالليرة لا تتجاوز 50 مليار ليرة أي 700 مليون دولار والمركزي قادر على التدخل وضبط الوضع.