صحيح أن مصطلح “أزمة” بات من المصطلحات الاكثر شيوعا في لغة الشباب اللبناني اليومية، ورياح السنوات المتلاحقة لم تأت بما يشتهي هؤلاء بل جاءت مثقلة بتحديات وصعاب، إلا أنهم حاولوا في كل مرة تحويل الأزمة الى فرصة.
إيلي زغيب أحد هؤلاء الشباب، الذي عاكسته الأزمات المتلاحقه وكبّدته خسائر كبيرة ضاربة بعرض الحائط مشروعه الأول المتواضع والذي كان عبارة عن “ماركت”، حيث تسبّب انقطاع الكهرباء المتواصل بتلف معظم بضاعته التي كان قد اشتراها. ولأن الازمات تحمل في جعبتها تطورات غير مألوفة فهي تتطلب معالجة غير مألوفة ومبتكرة وهذا ما فعله زغيب الذي قرّر استبدال “الماركت” بمشروع آخر اسمه “BOX FOR LESS”، يقوم على استيراد منتجات لا تحتاج الى برادات وبيعها للمستهلكين مباشرة بسعر الجملة ما يسمح لهم وخصوصا العائلات بشراء كمية أكبر وبأسعار مخفّضة.
بامكانيات صغيرة ولكن بأمل كبير بدأ المشروع Box For Less, من محل صغير في منطقة زوق مكايل لمدة سنة ونصف أمضاها زغيب يتنقّل بسيارته الخاصة لنقل البضاعة بما أمكن وبعدد قليل من دون أي فريق عمل معه.
لم تتمكن الظروف الصعبة من كسر عزيمته، والعامل الاساسي الذي ارتكز عليه زغيب هو التواصل المباشر مع المستهلكين وبيعهم السلع بسعر “الجملة” من دون الحاجة الى أي وسيط كما هو متعارف عليه اليوم.
كسر نمطية العمل التجاري وإصرار زغيب على أهمية الاحتكاك المباشر بين شركة “الجملة” والمستهلك، أثبت فعاليته وعاد بالفائدة على المواطنين المستهلكين الذي باتوا يشترون السلعة بسعر مخفّض بنسبة تتراوح بين ٢٠ و ٣٠ بالمئة مقارنة بأسعار السوبرماركت وغيرها من المحلات. وفي هذا السياق، بدأت أرباح هذه الشركة الجديدة تتصاعد يوما بعد يوم بفضل الخطة الاستراتيجية التي اتّبعها.
حرص زغيب على تنويع مصادر إنتاجه والبحث عن مصادر سلع جديدة وجيّدة في مختلف البلدان العربية والغربية بالإضافة الى المشاركة بالعديد من المعارض لتوسيع آفاق عمله.
الى جانب تخفيض الأسعار، أدرك زغيب أهمية التسويق الإلكتروني لمشروعه عبر منصات التواصل الإجتماعي من هنا لم يبخل على هذا الجانب وخصّص التمويل اللازم لإنشاء تطبيق الكتروني خاص بشركته ساهم بدخولها الى منازل الكثيرين وتعريفهم على الخدمة التي يقدّمها والسلع المتوفرة وبهذا يكون قد نجح باستقطاب فئة الشباب والجيل الجديد.
وعن خطواته المستقبلية، يركّز زغيب اهتمامه على التجارة الالكترونية بالدرجة الأولى كما أنه يعمل على تحسين عامل السرعة في عمله من خلال تسريع عملية الشراء والبيع عبر الاعتماد على وسائل نقل خاصة بشركته بدل الاعتماد على شركة توصيل خصوصا أن التعامل مع هذه الشركات سبّب له خسائر مادية وكلفة مرتفعة نظرا لانتشار المستهلكين في الكثير من المناطق البعيدة، مشدّدا على أن الوقت عامل أساسي في نجاح أي مؤسسة.
زغيب توجّه برسالة الى الشباب الطامحين لبناء مشاريعهم الخاصة في المستقبل، قائلا: “عدم توفّر رأس مال كبير للإنطلاق لا يجب أن يقف عائقا أمامكم، إذ بخطوات صغيرة لكن مدروسة ومشبّعة بالخبرات المطلوبة يمكنكم تسلّق سلّم النجاح درجة درجة”، مضيفا: “سحر ما في، لوتو ما في..”، لافتا الى أنه “لا يجب التحجّج بـ “الحظ” فالخبرة المتراكمة والإصرار كفيلان بفتح باب النجاح أمامكم لو بعد حين”.!
تجربة زغيب بتواضعها، تستحق أن يُلقى الضوء عليها لانها رسالة أمل وعدم استسلام لكل شاب لبناني واجه الخيبات والفشل خلال السنوات الماضية.