كتب محمد الجنون
أسبوعٌ مرّ على ردّ “حزب الله” ضد إسرائيل انتقاماً لاغتيال أحد أكبر قادته وهو فؤاد شكر، ومنذ ذلك الحين كانت الهجمات التي نفذها الحزب دون عتبة “النوعية”، إذ أنّ معظمها كان عادياً أو مألوفاً على صعيد الجبهة القتاليّة.
أمام كل ذلك، يستوجب التوقف عند تفاصيل جديدة مرتبطة بالميدان، فمسألة نوعية العمليات التي يشنّها “حزب الله” لم تعد هي أساس النقاش اليوم، فالأمر انتقل إلى ماهية انتشار الحزب ضمن الجنوب وخصوصاً ضمن المناطق المتقدمة والقريبة من الحدود.. فماذا يعني ذلك؟ وهل تخلى “حزب الله” عن التقيد بحدود جغرافية ضمن الجنوب؟
خلال إطلالته الأسبوع الماضي، سرد أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله 3 نقاط أساسية، الأولى تقول إنَّ الحزب أطلق مُسيراته من البقاع باتجاه إسرائيل في “يوم الرّد”، فيما النقطة الثانية تُشير إلى أن الحزب سحب صواريخه الدقيقة من نقاطٍ كثيرة ضمن الجنوب. أما النقطة الثالثة فتقول إنَّ “حزب الله” نفذ عمليات من جنوب وشمال نهر الليطاني يوم الأحد الماضي.
ماذا يعني كل ذلك؟ في تحليل لكل ذلك، تقول مصادر معنية بالشأن العسكريّ لـ”لبنان24″ إنَّ النقاط الـ3 المطروحة تعني أولاً أن “حزب الله” تحرّر من مسألة الحدود الجغرافية في هجماته عبر الصواريخ والطائرات، فهو قادرٌ على استهداف إسرائيل من مواقع له في شمال نهر الليطاني وليس من جنوب النهر فحسب. هنا، فإن هذا الأمر يشير إلى أن مطالبة تل أبيب الحزب بالانسحاب إلى منطقة شمال الليطاني لا تُقدم ولا تؤخر من الناحية العسكريّة، فالقدرات الصاروخية تجاوزت حدود الجغرافيا، وبالتالي يمكن لـ”حزب الله” تنفيذ هجمات من نقاط خارج المنطقة العازلة التي تشترط إسرائيل حصولها في جنوب لبنان.
أيضاً، فإن حديث نصرالله عن أن جبهة القتال توسعت لتُصبح من البقاع أيضاً يعني أنّ معادلة الجغرافيا سقطت أمام القدرة على اختراق إسرائيل من مناطق بعيدة، ما يعني أنّ ساحة نشاط “حزب الله” لم تعد ضمن منطقة واحدة بل باتت تشمل مناطق كثيرة وعديدة يصعب على إسرائيل السيطرة عليها ميدانياً وبسهولة.
على صعيد الصواريخ الدقيقة، فإن المصادر تقول إن “مسألة سحبها من الجنوب لا يعني انكفاء دورها، فالمدى المرتبط بتلك القذائف المملوكة من “حزب الله” يُثبت قدراتها التي تمكنها من سلوك الحدود مع لبنان باتجاه الداخل الإسرائيلي حتى وإن تمّ إطلاقها من مناطق بعيدة”.
ماذا على صعيد إسرائيل؟ أمام كل هذه المشهدية، فإن المصادر ترى أن إسرائيل ستكون أمام جبهة توسّعية لـ”حزب الله”، فعمله العسكري بات على مساحة مناطق فضفاضة وواسعة، وبالتالي فإن هذه المسألة تخدم “حزب الله” ولا تُضعفه.
بالنسبة للمصادر، فإن “حزب الله” حينما يُطلق طائرات من البقاع، فإنه بذلك يقول إنّ مسار طائراته طويل المدى. هنا، يقول أحد المراجع العسكريّة لـ”لبنان24″ إنّ مدى تحليق الطائرات المسيرة قد يصل إلى 3000 كلم، ما يعني أنّ “حزب الله” وعبر المُسيرات التي يطورها باتجاه هذا المدى، بإمكانه العمل جوياً من خارج الجنوب وباتجاهات أكثر تحرراً.
أمام كل هذه المعطيات، باتت معضلة إسرائيل غير مرتبطة بجنوب لبنان فحسب، بل أيضاً بالبقاع وبعمق لبنان. لهذا السبب، فإن مطالبتها بمنطقة عازلة لا ينفي خطر صواريخ “حزب الله”، لكنه يرتبط فقط بمسألة واحدة وهو منع الأخير من تنفيذ هجومٍ بري عبر “قوة الرضوان”، أما بالنسبة للهجمات الجوية والصاروخية، فهي مُحقّقة تبعاً لمعادلة التحرر من الجغرافيا واستناداً للقدرات المرتبطة بالطائرات المُسيرة والصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة.