توجه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في كلمة له بعد انتهاء قداس شهداء “المقاومة اللبنانية” في معراب، إلى أهالي الشهداء بالقول: “أبناؤكم ما زالوا أحياء وقضيتهم ما زالت حية للوصول إلى الهدف الذي من أجله استشهدوا”.
وعن باسكال سليمان قال: “رفيقي باسكال سليمان، ما فيي إنسى هالنهار، الأحد 7 نيسان 2024. كنت ببشري، بيوصّلولي خبر إنّك انخطفت. حملت حالي وضلّيتني نازل عَ مقر منسقية القوات بمستيتا بجبيل. وصلت، تفاجأت إنّو كل رفقاتك كانوا هونيك. مش بس رفقاتك من جبيل، كمان من كل مناطق لبنان، من عكار لبنت جبيل، ومن بيروت للقاع. عبّوا المطارح كلها، عبّوا الساحات، عبّوا كل الطرقات والسيارات ما عادت تقدر توصل. هيدا نحنا باسكال، هيدي القوات اللبنانية: عاصفة بطولة بتهبّ كل ما دق الخطر، وما رح تهدا قبل معرفة الحقيقة وإحقاق الحق.
هيدا فصل جديد من فصول المقاومة اللبنانية متل ما عرفناها من 50 سنة، من100 سنة، من 200 سنة، وعلى مر العصور، ومتل ما رح نعرفها كل يوم وبعد مئات السنين”.
وأضاف: “رفاقي الشهدا، هالسنة مش بس باسكال انضم لإلكن من جديد، رفيقنا سليمان سركيس كمان. شاب بمطلع شبابو، عريس جديد، استشهد غدرًا ضحية حقد أعمى هو وعم يفتح محلّو بشكا، مش لسبب إلاّ لأنّو إبن أحد مناضلي القوات بشكا، رفيقنا فارس سركيس.
عَ كل حال، البطولة والشهادة مش جديدة عَ شكا أبدًا.
ما فيي إنسى بتموز سنة 1976، وقت اللي احتلّت مجموعات مسلّحة غريبة أكترية أحياء شكا، كيف بقيوا تلات بنات، ليانتين وهند ونساريا، كيف بقيوا بمركزن بدير الرهبان، وكانوا المسلّحين صاروا محاوطينن من كل الجهات. وبقيوا بمركزن وما كانوا يقبلوا يتركوه، بالرغم من كل النداءات يللي توجّهتلن، وبقيوا وبقيوا لوقت ما صار الهجوم المضاد وتحررت شكا وتحررت كل المنطقة معها. رفيقي سليمان، هيدي شكا، هيدا نحنا، هيدي القوات”.
وقال جعجع: “أيّها اللبنانيون، عندما لا يرى أحدنا شيئًا في الأفق، فهذا لا يعني أنّه لا يوجد شيء في الأفق. صحيح أنّ الدنيا في الوقت الحاضر كلُّها سواد، فنحن صراحة نواجه واحدًا من أصعب وأخطر الأوضاعِ التي مررنا بها في تاريخنا.
نحن نتعرّض حاليًا لأسوأ وأبشع خطة ومحاولة لترويضنا وتركيعنا وإنهاكنا وإفراغ وجودنا من مضمونه وتغيير وجهه ووجهته، وشلّ دولتنا وتخريب مؤسساتها.
ردّة فعلنا الأولى والأساسية وبعد إدراكنا لما يُخطَّط لنا، هي أن نكون أكثر صلابة من أيّ وقت مضى، أكثر تصميمًا من أيّ وقت مضى، أكثر نشاطًا من أيّ وقت مضى وأكثر عطاء لنقضي على هذا السواد، متذكّرين دائمًا بأنّ النور على صغره ونعومته يبدّد العتمة بلمح البصر ويقتلعها من جذورها”.
ولفت إلى انه ” عندما لا يرى أحدنا شيئًا في الأفق، فهذا لا يعني أنّه لا يوجد شيء في الأفق. صحيح أنّ الدنيا في الوقت الحاضر كلُّها سواد، فنحن صراحة نواجه واحدًا من أصعب وأخطر الأوضاعِ التي مررنا بها في تاريخنا. نحن نتعرّض حاليًا لأسوأ وأبشع خطة ومحاولة لترويضنا وتركيعنا وإنهاكنا وإفراغ وجودنا من مضمونه وتغيير وجهه ووجهته، وشلّ دولتنا وتخريب مؤسساتها.
ردّة فعلنا الأولى والأساسية وبعد إدراكنا لما يُخطَّط لنا، هي أن نكون أكثر صلابة من أيّ وقت مضى، أكثر تصميمًا من أيّ وقت مضى، أكثر نشاطًا من أيّ وقت مضى وأكثر عطاء لنقضي على هذا السواد، متذكّرين دائمًا بأنّ النور على صغره ونعومته يبدّد العتمة بلمح البصر ويقتلعها من جذورها”.
وشدد على انه “لا يعتقدنّ أحد بأنّ الأمور في لبنان انتهت إلى ما نحن فيه في الوقت الحاضر وبأنّه حُكِمَ علينا أن نعيش الوضع الحاليّ إلى ما لا نهاية.
إنّ الوضع الذي نحن فيه في الوقت الحاضر لا يعبّر إطلاقًا عن الحقائق المجتمعيّة التاريخيّة الفعليّة للبنان، بل هو نتاج تراكمات سلبية على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة من تاريخنا، بفعل عهد الوصاية بالدرجة الأُولى، وبفعل تسلّط دولتين، إيران والنظام السوريّ، على أمور وشؤون لبنان واللبنانيين بالدرجة الثانية وحتّى الساعة، وبفعل انجرار بعض الداخل اللبناني مع المحور التوسّعي الممانعِ الذي اجتاح المنطقة بأكملها في العقود الأخيرة، وبفعل بعض المجموعات السياسية الداخلية الفاسدة، المتواطئة، والتي لم يكن همّها في كل المراحل السابقة، وحتى يومنا هذا سوى مواقعها ومصالحها الشخصية والحزبية”.
وأكد ان “الواقع الذي نعيشه في الوقت الحاضر واقع اصطناعي مغشوش قام على وهم سيطرة مفترضة من قبل محور الممانعة المحلي بمساندة ومساعدة عسكرية ومالية وسياسية لا حدود لها من محور الممانعة في المنطقة. قام على انهزامية وخوف من مواجهة الحقيقة عند البعض، كما قام على فساد ما بعده فساد عند البعض الآخر”.
وشدد جعجع على انه “لا يعتقدنّ أحد بأنّ الواقع الذي نعيشه اليوم يمثّل حقيقة لبنان واللبنانيين أو أنّه مُقيّض له الاستمرار. إنّه واقع مُصطنع، تجمّعت عدة عناصر خارجية، أهمّها إيرانية – أسدية، وداخليّة، أهمّها التواطؤ والفساد والذمّيّة، الجبن والانهزامية، أدّت إلى قيامه. ولكن، ما قام على باطل وتواطؤ وفساد وعوامل خارجية قاهرة، آيلٌ حُكمًا للسقوط مع سقوط أيّ من العوامل التي أدّت إلى قيامه”. وتابع قائلا: “الغد لنا – بُكرا إلنا، الغد لنا ولكلّ لبنانيّ يفكّر بمنطق الغد.الغد لنا، لأنّنا لا نفكّر أبدًا بمنطق السّيطرة. الغد لنا، لأنّنا بعيدون كلّ البُعد عن المصالحِ الشخصيّة والحزبيّة الضيّقة وعن مقايضة الثوابت والمبادئ والمُسلَّمات بحُفنَةٍ من المناصب والدولارات. الغدُ لنا، لأنّنا بعيدون كلّ البُعد عن أيّ روحٍ انهزاميّة مُتلوّنة مُسايرة. الغد لنا، لأنّ الاستقامة والشفافيّة والنّزاهة والصّدق هي عنوان الخدمة العامّة بالنسبة لنا”.
وتابع قائلا: “الغد لنا، لأنّنا ننطلق من واقعِ لبنان المجتمعي التاريخي بشكل علمي للوصول للتركيبة الفُضلى لدولة لبنانية حرة سيّدة مستقلة بالفعل، يعيش في ظلالها المواطن اللبناني بكرامته وعزّته بعيدًا عن العَوَز والتسكّعِ والبطالة والحرمان. في دولة تضمن له حاضرهُ والأهمّ مستقبل أولاده. دولة لا توقعنا بحرب كلّ بضع سنوات، ولا تترك أرضنا تُستباح لا من أقربين ولا من أبعدين.ىدولة تسيرُ فيها الأمور من دون تعطيل ولا مقاطعة ولا شَلَل. دولة إداراتها عاملة شغّالة كلّ الوقت بعيدًا عن أيّ خِلاف في وجهات النّظر بين أركان السّلطة.دولة نقول، ولكن على نطاق أوسع ممّا كُنّا نقوله في السابق: نيال مين إلو مرقد عنزة في ظلالها”.
وللذي “أصبحتم قليلي العدد”، فقال له: “قليلو العدد، كثيرو الفعل والإنتاجِ والخدمة العامّة، كثيرو الإشعاعِ في التربية والتعليم والطّبّ والفنّ والثقافة والحضارة والاقتصاد. معتصمون دائمًا أبدًا بالوضوحِ والصلابة والاندفاعِ والمواجهة في سبيل لبنان، كلّ لبنان. وَلِمَن يقول أنّنا زينة لبنان ورونقه، نقول لا بل نحن جوهر وجوده وركنه وعنوانه. بالإضافة إلى كلّ ذلك، فإنّ كلّ الأعداد والنّسب التي تُرمى يمينًا ويسارًا في بعض الإعلام هي غير دقيقة، عدا عن عامل أساسي وجوهري وهو أَن الدستور اللبناني غير مبني إطلاقًا على العدّ والأرقام”.
وجزم جعجع بأن “كلّ من يتكلَّم بلغة الأعداد، يقول علنًا أنّه يريد تغيير الدستور. إذا كان البعض يريد تعديل الدستور فلا مانع لدينا.
فلننتخب رئيسًا للجمهورية أوّلًا، وتبعًا للدستور، وبعدها نحن جاهزون، لا بل ندعو، لطاولة حوار وطنيّة فعلية، مش مزحة متل ما عم يصير هلق، في قصر بعبدا حيث نطرح كلّ شؤوننا وشجوننا الوطنيّة، يتركز النقاش فيها على عنوان أوحد: أي لبنان نريد؟ ونتّفق على أنّنا لن نخرج من هذا الحوار كما خرجنا من كل الحوارات السابقة، فيما البلد يواصل انهياره، ومؤسساته تتآكل، وشعبه يموت ويهاجر”. وأضاف: “حان الوقت لأن نحسم النقاش حول الأمور الخلافية الأساسيّة التي تمنع قيام دولة فعليّة وتُبقي لبنان ساحة فوضى وفساد وعدم استقرار. وبكافة الأحوال، للذي يحاول تعييرنا بأنّنا قليلو العدد نقول له: إنّ الكِرامَ قليلُ، وما همَّ من كانَ قليلُهُ مثلَنَا، شبابٌ تَسامى للعُلا وكُهولُ”.
واعتبر انه “إذا كان البعض يعتقد بأنّه في نهاية الحرب التي نمرّ بها، ومهما كانت نتائجها، فإنّ المجموعة الدولية كما العربية ستفاوض محور الممانعة بخصوص مستقبل لبنان لأنّه الفريق المدجج بالسلاحِ، فهذا البعض هو مخطىء”. وقال: “إنّ أحدًا لن يقبل بأن يعود الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الحرب وأن تستمرّ الدولة في فُقدان قرارها وتفكّكها. الجميع في اليوم التالي للحرب سيتفاوضون مع من يملك مفاتيح اليوم التالي، مفاتيح المستقبل، مع من يملك الرّؤيا والخطّة والإصلاح، لا مع الذي لا رؤية له إلّا الحرب، ولا إصلاح لديه إلّا التجارات الممنوعة والاقتصاد الرديف، لقد تعب الجميع من الخطابات الرنانة والحروب المستمرة والتي أوصلت إلى اهتراء الدولة وإلى فساد مُستشرٍ، وإلى انهيار اقتصادي لم يشهد له لبنان مثيلًا، وإلى ضياع تعب وعرق الناس من خلال ضياع ودائعهم، وإلى فقر وعوَز وتعتير اجتماعي قل نظيره سابقا في لبنان، حتى بات لبنان يُصنّف، في جميع المجالات، الآخر إذا لم يكن الأخير في أسفل قائمة دول العالم مع الصومال وفنزويلا بعد أن كان سويسرا الشرق”. وأكد ان ” أكثرية الشعب اللبناني كما جميعِ أصدقاء لبنان في الشرق والغرب ملُّوا ويرفضون بقاء لبنان في هذه الوضعيّة التعيسة التي أوجَدَهُ فيها محور الممانعة بالتواطؤ مع بعض السياسيين أكَلَة الجُبْنة الذين خانوا الأمانة ولم يفعلوا إلّا الاهتمام بمصالحهم السياسيّة الضيّقة ومصالحهم الماليّة الواسعة.
وتابع قائلا: “إنّ اليوم التالي في لبنان هو لنا، “بكرا إلنا” ليس لسبب سوى لأنّنا أولاد الغد، نحمل لُغته ومفاهيمه وخططه وبرامجه منذ الآن، مُتحلّين بكلّ ما يلزم من أخلاق واستقامة وشفافيّة ومعرفة بالشيء تمكّننا من أن نصنع الغد.
أمّا محور الممانعة وحلفاؤه، فرأينا ما كانت نتيجة تحكّمه بزمام الأمور، وهو لا يصلح إطلاقًا، لا هو ولا حلفاؤه، لليوم التالي، ولا يتوقَّعنّ أحد أن يكونوا هم عنوان المرحلة المقبلة، أوّل شيء يجب فعله في اليوم التالي هو تطبيق الدستور والقوانين لقيام دولة فعلية ومؤسساتها. فلا كيان لا تحفظه دولة، ولا دولة يمكن أن تقوم خارج الدستور والقوانين، وإذا لم تفرض سطوتها على كامل ترابها وحدودها بقواها الشرعية، وإذا لم تمتلك قرار الحرب والسّلم”. وأضاف: “إعادة النظر بكل شي بلبنان ما عدا حدوده ووحدته لأنّو صرلنا هلق 20 سنة عايشين بجهنّم، أوقات مُعلنة وأوقات غير مُعلنة.
بس حتى قبل هالعشرين سنة، ما كنّا عايشين متل ما لازم، كل سنة سنتين ثلاثة هزّة، خضة، حرب أو أزمة أو مُقاطعة، وعطول دولة مشلولة ومواطن ضايع حائر بين حُبّو لأرضو ووطنو وبين نوعيّة حياة ما بتليق فيه ولا بولادو”.