كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
“ليلة مرعبة لم نعد ندري من أين تتساقط علينا الصواريخ من الجو أم من الأرض؟” بهذه العبارات اختصر سكان عدد من القرى في منطقة البقاع الأوسط واقعة الجحيم الأسود التي عاشوها بعد الغارات التي شنها الطيران الإسرائيلي مطلع الأسبوع الجاري مستهدفا مخزن مقذوفات صاروخية لحزب الله، ما أدى إلى انفجارها واشتعال النيران فيها وتطاير المقذوفات منها نحو المناطق المحيطة بها لنحو أربع ساعات بحسب سكان المنطقة.
وفي ما يبدو أن المخطط التالي لاستهداف قيادات حزب الله وحماس والجماعة الإسلامية بدأ من خلال توجيه إسرائيل ضرباتها نحو مخازن الأسلحة التي وضعها الحزب في مناطق سكنية مأهولة، ارتفعت وتيرة الخوف لدى عدد من سكان مناطق كسروان وجرد جبيل من تكرار مشهدية الرعب في مناطقهم لا سيما بعد نشر مركز “ألما” للبحوث والدراسات الإسرائيلي في شباط الماضي خارطة لأنفاق وطريق يقول إنها مواقع عسكرية للحزب في قضاء جبيل تحتوي على بنية عسكرية لإطلاق صواريخ “فاتح 110” الضخمة والمسيّرات باتجاه اسرائيل.
كما تضمن الفيديو رسماً لطريق يربط حدث بعلبك في البقاع حيث تقع مناطق نفوذ حزب الله، ببيبلوس على البحر الأبيض المتوسط مروراً بجرد العاقورة ذي الأغلبية المسيحية، وزعم المركز أن معلوماته في الفيديو الذي يعود إعداده لأشهر، مستقاة من الاستخبارات الإسرائيلية. وتزامن نشر الفيديو مع تهديدات إسرائيلية بقصف جبيل وكسروان، وهي مناطق تسكنها غالبية مسيحية.
وعلى نقيض المرات السابقة التي يتولى فيها حزب الله “دحض ادعاءات اسرائيل عن وجود مخازن أسلحة في مناطق مأهولة سكنيا” تولت هذه المرة وزارة الطاقة والمياه دحض ما تم نشره في الفيديو، وأعلنت في بيان إن “عند التدقيق بالفيديو يتبين أن العدو يَعرض منشآت تابعة لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، وأبرزها النفق المنشأ لتحويل مياه نهر إبراهيم لزوم تشييد سد جنة. فاقتضى التوضيح والنشر منعا لتمادي العدو في مزاعمه تبريرًا لاستهداف منشآت تابعة لمؤسسات رسمية يُتوخى منها مصلحة عامة”.
منسق لقاء سيدة الجبل النائب السابق فارس سعيد يلفت عبر “المركزية” “أن لا معلومات دقيقة عن وجود مخازن أسلحة في كسروان وجبيل. لكن المؤكد أن ثمة احتمال كبير لوجود مخازن أسلحة في هذه المناطق نظرا إلى ارتباط القرى بعضها ببعض ولارتباط جرد جبيل بالبقاع عن طريق حدث بعلبك أفقا، وعندما نتكلم عن وحدة جغرافية بين القرى فهذا يعني أننا نتكلم أيضا عن وحدة سياحية وفنية وأدبية”.
إلا أن الصوت الذي رفعه سعيد منذ حوالى 5 أشهر لم يلق الصدى لا بل “اتهمت بأنني أساهم في تخريب المنطقة”. التهمة جاءت على خلفية ما كتبه على منصة “إكس”: لسنا بصدد تعقيد الأمور، وألفت الانتباه إلى أن هذا الطريق يمر في جرد العاقورة وجرد كسروان الفتوح وادي نهر إبراهيم وسط جبيل حتى البحر، ولا يمر في قرى مسيحية، وكان سبب قصف جسر الكازينو وجسر الفيدار عام 2006 من قبل إسرائيل بهدف قطعه”، وإذ اعتبر “أن الفيلم قد يكون مركبا” إلا أنه طالب بتفسيرات. وقال: “المعلومة خطيرة وهي برسم القيادات العسكرية والسياسية”.
عملية قصف مخزن الأسلحة والمقذوفات في البقاع أعاد الضوء إلى ما سبق ونشره الجيش الإسرائيلي وحذر منه سعيد الذي يوضح “قبل 3 أعوام توقفت الأعمال في مشروع سد جنة والكل يعلم أنها تضمنت إنشاء دهاليز وأنفاق داخل الجبل على عمق كيلومترات مما يسمح بمرور آليات وشاحنات ضخمة فيها. وعلى رغم توقف الأعمال لا تزال الأنفاق والدهاليز موجودة ومشرعة.
إنطلاقا من هذا الواقع، نطالب الحكومة اللبنانية ومصلحة مياه جبل لبنان ونواب كسروان وجبيل والفاعليات السياسية بإقفال ورشة سد جنة بواسطة جدار من الباطون المسلح حتى إشعار آخر واستعادة المتعهدين المعدات الموجودة على الأرض وإقفال كل الأنفاق الموجودة حتى لا يتم استخدامها من قبل فريق مسلح من أجل القيام بأعمال عسكرية وتخزين أسلحة وصواريخ خصوصا أنه يمكن عبور شاحنات ضخمة فيها”.
وتوضيحا يشير سعيد إلى أن هذه الأنفاق كانت مخصصة لتصريف المياه في مرحلة بناء سد جنة أما اليوم ومع توقف الأعمال فيها منذ 3 أعوام وفي ظل الوضع الأمني والعسكري الحاصل “نطالب بإقفالها مرحليا على أن تتولى القوى الأمنية والجيش اللبناني عملية التحقيق والتدقيق للتأكد من خلو هذه الأنفاق من أية ذخيرة أو صواريخ”.
لا يستبعد سعيد تكرار مشهدية الرعب التي عاشها سكان البقاع في مناطق جبيل وكسروان”في حال ثبت وجود مخازن أسلحة وصواريخ في هذه المناطق طالما أن لا أحد يؤكد عدم وجودها باستثناء الحزب. أما على الصعيد الرسمي فلا يوجد أي تقرير يؤكد نفيها. ويشير “هل من يشكك بأن إسرائيل تتوانى عن قصف مناطق مسيحية تتواجد فيها مخازن أسلحة في حال تأكدت من ذلك؟ حتما لا. من هنا على الحكومة والجيش اللبناني ومصلحة مياه جبل لبنان الإسراع في إقفال أنفاق ودهاليز سد جنة بعد التحقق من عدم استعمالها كمخازن أسلحة تابعة لحزب الله حتى لا يقال في حال وقعت الكارثة لا سمح الله…لو كنا نعلم!”.