كتبت ابتسام شديد في “الديار”:
خفت الضجة التي أثارها فصل النائبين إلياس بو صعب وألان عون واستقالة النائب سيمون أبي رميا، لكن لم تختف بالكامل، ولا تزال الترددات حاضرة في الإعلام والبيت الداخلي لـ “التيار الوطني الحر” .
وتتجه الأنظار الى المتن وتحديداً إلى النائب ابراهيم كنعان، اذ يتوقع أن يتخذ قراره بعد انتهاء المهلة التي حددها في مؤتمره الصحافي للتجاوب مع مبادرته للمّ الشمل. وعليه، فالجميع في حال ترقب لما سيحصل مع نائب المتن والخطوة التي سيقدم عليها.
فما حصل أخيراً، ترك تفاعلات عميقة، نظراً لموقع النواب الثلاثة عون وابي رميا وبوصعب في تكتل “لبنان القوي”، وحيثيتهم الخاصة والشعبية، ما استدعى استنفارا غير مسبوق في الجهاز الإعلامي والسياسي للتيار، وأكثر من إطلالة لرئيس التيار النائب جبران باسيل، ودعم خاص من الرئيس ميشال عون لضبط الانفعالات، ومنع تمدد أي حركة اعتراض في المستقبل.
وتقول مصادر معارضة لقيادة التيار ان وضع الإجراءات التأديبية المتخذة حيال النواب في خانة عدم الالتزام الحزبي غير صحيح، فالقاصي والداني يدرك تماماً ان هؤلاء النواب وضعوا على قائمة الاحراج للإخراج منذ فترة طويلة. وقد ساهمت جلسة ١٤ حزيران الرئاسية في تظهير التباين، ومدى انزعاج القيادة الحزبية من الثلاثي الذي اتهم بالتصويت خارج الإطار الحزبي، وتبين ان العكس هو الصحيح. إذا قاد النائب إبراهيم كنعان في حينه محاولة لتوحيد الموقف، بالرغم من اعتراضه على تأييد باسيل لجهاد أزعور، وزير مالية فؤاد السنيورة.
وتقول المصادر نفسها ان قضية كنعان لا تشبه في الشكل ما حصل مع ألان عون والياس بو صعب،. الا ان خلفية باسيل تبدو واحدة في كل الحالات. فكنعان لم يقدم استقالته من التيار بعد، وبالمقابل لا قرار رسمياً من قيادة الحزب بفصله. وعليه، يتم ترقب ما سيحصل مع كنعان، خصوصا انه من الوجوه النيابية البارزة وأمين سر التكتل، ومعد كتاب “الإبراء المستحيل” ومهندس “تفاهم معراب”.
في مؤتمره الصحافي قدّم كنعان مبادرة، الغرض منها لمّ الشمل وتصحيح الأخطاء، وحافظ بكلامه المنتقى بعناية على أدبيات التخاطب السياسي. ومع ذلك تفاجأ بالحملة التي شنّت عليه، على الرغم من انه قدّم سرداً للأحداث في التيار، ولم يتطاول على أحد.
وما يزعج كنعان اليوم، تقول المصادر، هو التهجم عليه والمعاملة بمكيالين. فلماذا يمنع عليه الحديث في الإعلام، فيما يتحدث نواب الرئيس ومقربون من رئيس التيار كما يريدون ؟ علما أن نائب المتن لم يتجاوز الخطوط الحمراء الحزبية، وقدّم مقاربة تصالحية، ودعا للتراجع عن الاقالات والاستقالات ووقف الحملات الإعلامية، ليأتي الرد عليه بالقول انه يقوم بحركة استعراضية .
بالمحصلة، الجميع بات يدرك الحقيقة الكاملة لما يجري في التيار اليوم، تضيف المصادر، فرئيس التيار يعتبر الوقت ملائماً لحسم الحالة الاعتراضية قبل الدخول في العد العكسي لاستحقاقات داهمة. والحسم سيشمل مجموعة من الأسماء لا تتماهى مع قيادة الحزب، وضعت على قائمة التصفية من المناضلين والرعيل العوني الأول، في إطار خطة واضحة المعالم لطردهم وشيطنتهم، بحجة عدم الخضوع للشرعية الحزبية.
وتؤكد المصادر ان الخطوة المتسرعة لقيادة التيار باقصاء نواب ومناضلين، لن تمر من دون تأثيرات وسيكون لها ارتدادات عميقة في المستقبل على صعيد التحالفات الانتخابية، فأغلب الذين اخرجوا من التيار لهم تاريخ في العمل الحزبي وموقعهم وأدوارهم داخل التكتل وفي مجلس النواب.
وشددت المصادر على ان كنعان لم يفصح بعد عما يخطط له اليوم، لكن الأمور مفتوحة على احتمالات بما فيها الانضمام الى زملاء. وإذا كان ثمة قرار بإخراجه في كل الأحوال، فان النواب الذين عيّروا بعدم الالتزام الحزبي من الناشطين سياسياً ومناطقياً ، يتوقع ان تكون لهم أدوار أساسية في المستقبل.