كتب محمد مدني في ليبانون ديبايت
وضع النائب ابراهيم كنعان الإصبع على الجرح، وفضّل عدم الخروج من “التيار الوطني الحر” قبل أن يطلق مبادرة أخيرة هو يعلم مسبقاً أن مصيرها الفشل، إلاّ أنها تبقيه مرتاح الضمير تجاه تياره السياسي الذي انتمى إليه وناضل من أجله منذ الصغر، أي عندما كان جبران باسيل مجرد فتى يحمل حقيبة أحلامه التي أراد تحقيقها ولو على حساب تيار سياسي كبير فيه من المناضلين ما لا يعد ولا يحصى.
وقعت الواقعة في التيار، وحصل الإنقسام الذي أراده باسيل أن يحصل على حياة الجنرال ميشال عون، لكن احداً لا يستطيع إنكار الحالة المزرية التي وصل اليها التيار البرتقالي بسبب قيادته وليس بسبب نوابه المحرومين من المشاركة في اتخاذ القرار.
يظن باسيل أن مغادرة الخارجين من “الوطني الحر” سابقاً وأخيراً، يمكّنه من إطلاق قبضته على التيار عبر استبعاد أصحاب الفكر والرأي والشعبية والحيثية. أساساً هو واضح في هذا الأمر ولا يخفيه، يريد تياراً خاضعاً له بالمطلق دون شريك ولا حسيب أو رقيب، لكن هذا الأمر مستحيل، فهو بذلك بات مقيداً ومحاصراً وسيضطر للدخول محدداً إلى “سجن” حزب الله وحليفه حركة “أمل”، وإلاّ فإنه لن يفلح في الفوز بأكثر من بضعة مقاعد نيابية من دون الدعم الشيعي.
لكن ما يجب التوقف عنده هو أن التيار، وباسيل تحديداً، يتعامل مع النواب إلياس بو صعب وسيمون أبي رميا وآلان عون وابراهيم كنعان وكأنهم “خصوم”، وما الوضع الذي وصل اليه التيار راهناً سوى نتيجة لأفعال قام بها باسيل بحق المذكورين.
ورغم محاولة باسيل تجميل صورته بأنه وسطي ومسالم ويسعى لمدّ الجسور مع جميع القوى السياسية، فإذا بطبعه يخونه مجدداً ويفتح حرباً داخلية في حزبه ليؤكد انطباعاً عاماً موجوداً في البلد حول نزعته للتسلّط والسيطرة على كل شيء وعلى الجميع. وهو لم يوفّر أي سلاح لمحاربة زملائه السابقين متخطّياً كل الخطوط الحمر وصولاً الى تخوينهم واتهامهم بالمؤامرات والإنقلابات.
ولم يكتف باسيل بذلك، وإذ به يطالب عبر التيار، هؤلاء النواب بتقديم استقالتهم من المجلس النيابي بذريعة أنهم نجحوا بفضل أصوات التيار! بينما الجميع يعلم أن باسيل حرّض عليهم وتآمر ضدهم وحرمهم من أصوات الماكينات الإنتخابية وكان يريد لهم الخسارة في الإنتخابات لصالح مرشحين محسوبين عليه.
جهد باسيل مع فريقه في تسويق سردية حاكها مسبقاً ضمن سيناريو مخطط له لإقصاء كل النواب الذين لا يكّنون له بالولاء الشخصي، وحاول تشويه صورتهم وتحميلهم مسؤولية المشاكل الأخيرة التي هزّت أساسات التيار. لكن خطوة النائب ابراهيم كنعان شكّلت “رصاصة الرحمة” لكل الحملات التضليلية لباسيل ومعاونيه، إذ أنها فضحت من حرص على وحدة التيار حتى اللحظة الاخيرة، ومن أصرّ بجوابه السلبي السريع على مخططه الإقصائي حتى آخر نائب “وطني وحر” في التكتل.