قد لا يكون من مصلحة “حزب الله” في الوقت الراهن توقيع اتفاق هُدنة في غزة خلال قمة الدوحة يوم الخميس المُقبل قبل تنفيذ ردّه على اغتيال القياديّ الكبير في صفوفه فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت، يوم 30 تموز الماضي.
عملياً، إن استبقت إسرائيل “الحزب” وإيران بموافقتها على شروط الهدنة والذهاب نحو وقفٍ لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني، عندها سيجدُ “حزب الله” نفسه مُضطراً للإيفاء بالتزامه القاضي بوقف إطلاق النار عند الجبهة الجنوبية. هنا، سيكون الحزبُ قد طوّق نفسه بعدم إمكانية تسديد ردّ قاسٍ ضدّ الداخل الإسرائيليّ، ما يعني أن الإنتقام تبدّد تدريجياً ربطاً مع وضع غزة.
ولكن.. ماذا لو لم يتفق الإتفاق؟ ماذا سيفعل “حزب الله” عندها؟
الساعات القليلة الماضية كانت شاهدة على تحذيرات إسرائيلية من هجوم الحزب المُرتقب، فيما تحدّث محللون كُثر عن إمكانية حصول ضربة تطال مرافق حيوية إسرائيلية.
في الواقع، إن سقطت كل المحاولات لتطويق حرب غزة يوم الخميس، عندها من الجائز تماماً أن يكون “حزب الله” قد فتح بوابة الرّد على إسرائيل انتقاماً لـ”نسف جهود وقف الحرب”، وثانياً “الأخذ بالثأر لدماء شكر”، وذلك وفق ما تقول مصادر معنية بالشأن العسكري لـ”لبنان24”.
حتى الآن، يمكن أن يكون “حزب الله” قد تريّث قليلاً لإسداء الرد الذي قد يأتي إما قبل الخميس أو خلاله أو بعده. المُرجّح هنا، بحسب المصادر، هو أن يبادر “الحزب” إلى إستكمال المناوشات وتطويرها تدريجياً إلى حين اتضاح صورة المفاوضات. وفعلياً، لا يمكن للحزب أن يضع نفسه في خانة واحدة مع الإسرائيليين عبر عملية عرقلة محادثات هدنة غزة، فهو المعني الأول بها، وبالتالي إن عرقلها سيكون ذلك بمثابة تثبيت لمبدأ الحرب، وبالتالي نسف كل الجهود التي كان يطالب بحصولها لوقف المعركة.
بشكل أو بآخر، فإن “حزب الله” يُراقب التطورات ليبنى على الشيء مقتضاه، فإن نجحت “الهدنة” وتم اتخاذ قرار وقف الحرب، عندها سيبادر الحزب إلى تثبيت قرار جديد وخطاب آخر. هنا، وفي الوقت نفسه، فإن المصادر تستبعد حصول سيناريو والهدنة، ما يعني أن “حزب الله” قد يكثف نيرانه بشدة وبالتالي تنفيذ ردّ منتظر ومفاجئ جداً.
ضمنياً، كان “أمين عام الحزب” السيد حسن نصرالله قد تحدّث عن ردّ سيُذهل الإسرائيليين، لكنه لم يدخل في تفاصيله بتاتاً. إزاء ذلك، تقول المصادر المعنية بالشأن العسكري إن هناك 3 سيناريوهات لـ”الرد المذهل” الذي يتحدث عنه “حزب الله” وهي:
1- تنفيذ اقتحامات لإسرائيل بشكل مفاجئ ومن ثم العودة إلى لبنان، مع تثبيت علم “حزب الله” على أحدى النقاط الإسرائيلية وبث عملية الاقتحام علناً
2- شن هجمات إلكترونية سيبرانية ضد إسرائيل بأكملها تزامناً مع ضربات عسكرية
3- شنّ طائرة مسيرة تابعة لـ”حزب الله” غارة داخل إسرائيل.
في الواقع، فإن أي خطوة عسكرية عبر قصف أو هجومٍ “صاروخي” يستهدف أي منطقة، قد يدفع إسرائيل لتنفيذ ردّ قاسٍ تتحدث هي عنه أصلاً. ولكن، ماذا عن سيناريو الاقتحام؟ بالنسبة للمصادر، فإنه الأكثر وروداً، فعبره يمكن “حزب الله” تثبيت التالي:
– أولاً إن قوة “الرضوان” تمكنت، ورغم كافة الوسائل والاحتياطات من خرق الجدار الإسرائيلي والوصول إلى عمق المستوطنات الإسرائيلية من دون أن يجري اكتشافها.
– إن حصلت هذه العملية وجرى توثيقها بشكل واضح، عندها سيكون ذلك بمثابة ضربة أمنية كبيرة جداً لإسرائيل، وبالتالي جعلها تعيد حساباتها استخباراتياً. المسألة ليست سهلة في حال حصولها، فهي تكرار لحادثة 7 تشرين الأول الماضي والتي تقاتل إسرائيل لأجلها حتى الآن.
ضمنياً، فإن السيناريوهين الآخرين يعتبران أساسيان في أي معركة، فالهجوم الالكتروني الواسع المترافق مع ضربات عسكرية، سيعني أن إسرائيل خرجت عن “الخدمة السيبرانية” وبالتالي سيؤثر ذلك على عملياتها العسكرية. أما السيناريو المرتبط بشن غارات، فهو سيمثل أيضاً ضربة استخباراتية إضافية، إذ أن وصول طائرة إلى عمق إسرائيل وتنفيذ قصف سيكون بالدرجة الأولى تطوراً نوعياً غير عادي.
في الختام، يمكن القول إن المعركة هذه المرة ستكون جوية – سيبرانية محاطة بأساس المعومات الاستخباراتية.. لهذا السبب، يبقى السؤال: ماذا بعد كل ذلك؟ وإلى أي مدى تبدلت آفاق الحرب بين حزب الله وإسرائيل منذ 18 عاماً وحتى اليوم؟ الإجابة لاحقة!