كتبت جوزفين ديب في أساس ميديا
اعتقد الرأي العامّ اللبناني والمسيحي تحديداً أنّ “الجنرال” لن يشهد على انقسام تيّاره ما دام على قيد الحياة. إلا أنّ سلسلة من التطوّرات لم تضرب فقط جسم تيّاره، بل جسم العائلة أيضاً. آلان عون ليس كمن سبقوه في الخروج أو الإخراج من التيار. هو ركن في العائلة الصغيرة والكبيرة واعتباره “غصناً ضعيفاً في الشجرة” تحدٍّ كبير للذاكرة العونيّة. سيمون أبي رميا رفيق ميشال عون في المنفى ليس خروجه تفصيلاً أيضاً. اليوم يبدو جبل لبنان، الذي أنتج تسونامي عام 2005، من جنوبه إلى شماله متصدّعاً بحالته العونية أوّلاً، والتيّاريّة ثانياً. وهذا لن يكون تفصيلاً في المشهد السياسي العامّ المقبل.
كلّ من الفريقين مأزوم حالياً. وأمام كلّ منهما تحدّيات البقاء والاستمرار بقوّة سياسية وانتخابية وبرلمانية في مستقبل يبدو غامضاً ليس فقط في لبنان بل في المنطقة.
خارطة طريق مستقلّة
أصبحت القصّة معروفة. هي كإبريق الزيت تتكرّر مع كثرة الذين خرجوا من التيار الوطني الحر. باختصار بدأ كلّ شيء مع تحوّل الحالة العونية إلى حزب. منذ ذلك الحين بدأت الانقسامات تتكرّر كلّ فترة. الأسماء كثيرة، منها ما هو معروف للإعلام، ومنها ما هو تنظيمي داخلي لم يظهر اسمه.
غالباً ما كان الخروج من الحالة المؤسّساتية للتيّار يمرّ من دون تداعيات سياسية كبرى. إلا أنّ الخارجين اليوم هم نواب في البرلمان ولهم حيثيّاتهم في الأقضية التي صوّتت لهم. وإن يتحفّظ النواب آلان عون وسيمون أبي رميا عن شرح خطوتهم التالية بعد الخروج، إلا أنّ معلومات “أساس” تتحدّث عن سلسلة من الخطوات سيقدمون عليها. وفي نقاشاتهم مع مجموعات تؤيّدهم في الخيار، برزت مجموعة من الأفكار أغلبها يتعلّق بكيفية تنظيم صفوفهم في المستقبل. بدوره النائب إبراهيم كنعان سيقوم بخطوات أيضاً كما تتحدّث مصادر مواكبة له. قد تكون أولاها توجيه رسالة إلى باسيل لمناقشة وضع التيار المستجدّ ثمّ الذهاب إلى خيار الاستقالة من التيار.
من يعرف كنعان جيّداً يعرف أنّه “يحسب لكلّ خطوة إيجابياتها وسلبيّاتها على وضعه المتنيّ”. ولكنّ المقرّبين منه يتحدّثون عن استقالته الحتمية. بعد ذلك ستكون إحدى الأفكار المطروحة أمام الرباعيّ عون وأبي رميا وكنعان وبو صعب التوجّه إلى الرأي العامّ في خطوة تكون مقدّمة لفتح صفحة سياسية جديدة “خارجة عن التيار، لكن ليست خارجة عن المبادئ التي أُسّست الحالة العونية عليها”، كما يقول أحد المقرّبين من الرباعي.
بعد نجاحه سابقاً.. هل ينجح باسيل مجدّداً بالاحتواء؟
يعتقد جبران باسيل أنّ الخارجين من التيار أو المفصولين منه سيفشلون في تشكيل حالة سياسية مستقلّة، والدليل على ذلك جولات الانتخابات النيابية التي حصد فيها معارضو باسيل عدداً قليلاً جداً من الأصوات. وبالتالي أصبح الخروج من الحالة المؤسّساتية للتيار مرادفاً لانتهاء الحياة السياسية للخارج من المؤسّسة، خصوصاً أنّ رئيس هذه المؤسّسة.
في المقابل، كانت كلّ حالات الفصل أو الاستقالات خارج صفوف النواب. لذلك قيادة التيار من جهة، والنواب الخارجون من جهة ثانية، أمام تحدٍّ كبير. هل يستطيع باسيل ملء فراغ الأسماء التي رافقت التيار منذ نشأته بأسماء أخرى تخوض الانتخابات لتحقّق له حجم الكتلة التي يطمح إليها؟
اعتقد الرأي العامّ اللبناني والمسيحي تحديداً أنّ “الجنرال” لن يشهد على انقسام تيّاره ما دام على قيد الحياة
في معلومات “أساس” أنّ الفريقين يستعدّان لليوم التالي. باسيل بدأ استعداداته منذ اليوم الأوّل لرئاسته التيار. مصادر في التيار تقول لـ”أساس” إنّ “الاستمرارية تحكم العمل الحزبي، وكما تمّ اختيار آلان عون في بعبدا وسيمون أبي رميا في جبيل سيتمّ اختيار وجوه أخرى. ولدى التيار حالياً مجموعة من الوجوه الجاهزة لخوض الانتخابات المقبلة، ولن يخرج أحد منها في حال عدم اختياره”.
أمّا الفريق الآخر فهو يدرك أنّه لا يستطيع تكرار تجربة رفاقه. وهو أمام تحدٍّ لتشكيل مجموعة نيابية مستقلّة ينضمّ إليها مستقلّون آخرون. لا يعرّف عن نفسه على أنّه “قيادات سابقة في التيار” إنّما يحتاج إلى مشروع جديد ورؤية جديدة لانطلاقة سياسية مختلفة. وإذا نجح هؤلاء في ذلك وفي نسج تحالفات جديدة فيمكن لهم أن يشكّلوا كتلة نيابية وازنة متنوّعة تحدّد “دورها” في المشهد السياسي العامّ.
للدور أهمّية كبيرة، لا سيما أنّ لبنان اليوم يطوي صفحة ويفتح صفحة جديدة في تاريخه وتوازناته وعيشه المشترك. فهل تنجح هذه النواة من النواب في أن تعبر من قلب جبل لبنان إلى المستقبل وفي إيجاد دور يلاقي لبنان في اليوم التالي؟