يجد لبنان نفسه أمام تعاظم الغموض حيال كل يوم يمر وسط نفير الاستنفار الحربي والتهديدات المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله .
وفرضت التطورات الأخيرة والتهديدات بتوسّع الحرب إعادة تكثيف الاجتماعات الحكومية للبحث في سبل مواجهة اي توسّع محتمل للعدوان الإسرائيلي على لبنان.
وجاءفي افتتاحية”النهار” أن طيّ الشهر العاشر من “حرب المشاغلة” في الجنوب التي أطلقها “حزب الله” في الثامن من تشرين الأول من العام الماضي مرّ بصمت مطبق ولم يثر أي تفاعلات رسمية أو سياسية حيال تراكم الأحلاف الباهظة البشرية والمادية والعمرانية ناهيك عن واقع تهجير أكثر من مئة الف جنوبي من منازلهم المدمرة، الأمر الذي يفاقم إلى درجة عالية جداً المخاوف من الحرب المحتملة وما ستستتبعه من تداعيات خطيرة على الداخل اللبناني في ظل انهيار القدرات الذاتية اللبنانية على مواجهة أخطار حرب واسعة.
وفيما يزداد الغموض والتضارب الحاد في التقديرات والمعطيات المتصلة برد ايران و”حزب الله” على إسرائيل، أدرجت مصادر ديبلوماسية بارزة لـ”النهار” ثلاثة أسباب يجري تداولها لـ”لتأخير” المحتمل وما يستتبعه من ردّ إسرائيلي تبعاً لحجم وطبيعة الرد وهي:
أولاً، إن تعقيدات عسكرية كبيرة تواجه رداً منسقاً هذه المرة من أطراف “محور الممانعة” بما يملي عدم الاستعجال لئلا يخفق الرد في إيلام إسرائيل “بقوة” كما توعدت طهران و”حزب الله” ويدفع الدولة حكومة نتنياهو إلى الاندفاع أكثر نحو ضربات وهجمات قاصمة ضد “المحور” .
ثانياً، إن الفترة الماضية منذ اغتيال هنية وشكر تشهد مرحلة استنفار ديبلوماسي غير مسبوق بين المعسكر الغربي كله وإيران سواء عبر مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة تطرح معها مقايضات لا تجد معها إيران ضيراً في إطالة هذه الفترة ما دامت تعود عليها بفتح أبواب المقايضات والصفقات المحتملة مع الدول الغربية، حتى لو حققت خطوات جزئية راهناً.
ثالثاً، إن إسرائيل أبلغت إلى الدول المعنية كافة أنها باتت أقرب إلى شنّ حرب استباقية على إيران و”حزب الله” بما يعني انها جاهزة لحرب شمولية على جبهات عدة مفتوحة، وتزامن ذلك مع حركة تعزيزات ضخمة للقطع البحرية الأميركية في المنطقة، بما ضاعف الضغوط الديبلوماسية لاطالة فترة المفاوضات والوساطات علها تنجح في خفض أخطار حرب شاملة.
ووجّه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمس رسالة تهديد جديدة، فتوجه إلى اللبنانيين بالقول: “من يلعب بالنار يبشر بالدمار”. وأضاف: “إذا استمرّ “حزب الله” في عدوانه فسنحاربه بشكل شديد للغاية”.
وذكرت «البناء» أن الرسائل الأميركية والأوروبية والعربية لم تتوقف وتحمل رسائل تحذير للبنان من ««إسرائيل» ومن تداعيات ردّ حزب الله المنتظر، لكن الموقف الرسمي اللبناني الذي يعبر عنه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية يؤكدون لحاملي الرسائل بأن ««إسرائيل» هي التي اعتدت على لبنان ووسّعت عدوانها خارقة الخطوط الحمر، ولبنان في موقع الدفاع عن النفس وحريص على إعادة الهدوء وتطبيق القرار 1701 لكن العدوان الأخير على الضاحية خرق كل المحرمات وقواعد الاشتباك. وهذا ما سبق وحذر منه المسؤولون اللبنانيون بأن يذهب العدو الى توسيع عدوانه لاستدراج لبنان للحرب الموسعة والمنطقة الى الحرب الشاملة.
وكتبت” الديار”: الضغوط الاقليمية والدولية لم تنجح في لجم ايران وحزب الله، حيث تحدثت مصادر مقربة منهما عن انتهاء اطراف محور المقاومة من تحديد الاهداف الاستراتيجية التي سيتم استهدافها، باسلحة دقيقة، بانتظار «ساعة الصفر» التي قد تكون موحدة او كل طرف على حدة، مع العلم ان غرفة العمليات المشتركة تضم انصار الله الذين قدموا ايضا خطتهم للرد على قصف الحديدة. اما في «اسرائيل»، فان منسوب القلق ارتفع امس خصوصا حيال طبيعة رد حزب الله، لانه سوف يحدد برأي المصادر الامنية والعسكرية الاسرائيلية طبيعة «اليوم التالي» بعدما بات من المؤكد ان الحزب لن يختار استهداف مواقع هامشية في ظل غموض كبير حيال نياته الحقيقية.
مع العلم بأن معادلة «الضاحية – تل أبيب» لم تنفذ عند اغتيال القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، حين ردّ الحزب بقصف جبل ميرون، برشقات صاروخية، في موازاة تجاوز القصف الإسرائيلي مسافة بعيدة في العمق اللبناني، وملاحقة عناصر وقياديي ««حزب الله» في مختلف المناطق. وإضافة إلى ذلك، فإن تهديد ««حزب الله» أن الدم بالدم، والمدنيين مقابل مدنيين، لا تبدو مفاعيله كبيرة على الأرض؛ انطلاقاً من العدد الكبير للقتلى المدنيين في لبنان مقابل عدد محدود في إسرائيل، بحيث تشير الأرقام إلى سقوط أكثر من 116 مدنياً في لبنان، و25 في إسرائيل.