يحبس الإسرائيليون أنفاسهم، وسط هلع من احتمال استهداف حزب الله مدينة حيفا القريبة من حدود لبنان شمالي فلسطين المحتلة، التي تضم منشآت نفطية وبتروكيميائية فضلاً عن أهم موانئ إسرائيل على البحر المتوسط، ما يجعل استهداف هذه المرافق مؤلماً لاقتصاد إسرائيل، وذلك رداً على اغتيال فؤاد شكر كبير مستشاري الحزب العسكريين في غارة جوية على مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت نهاية تموز الماضي.
وتستعد حيفا، التي لا تزال تعاني آثار حرب عام 2006، عندما سقطت مئات الصواريخ من حزب الله عليها، لاستقبال صواريخ حزب الله من جديد، وفق تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أمس الأحد، مشيرة إلى أن رئيسة بلدية حيفا، إينات كاليش روتيم، ركَّبتْ أبواباً في الملاجئ العامة يتم التحكم فيها عن بعد، بحيث تفتح آلياً، كما جهَّز مستشفى “رمبام” وحدة طوارئ في الطبقات السفلية بدلاً من موقف السيارات تحت الأرض.
وتحوم طائرات حزب الله بدون طيار فوق حيفا منذ أشهر، وتتسلل عبر الدفاعات الإسرائيلية، وتم رسم خرائط للأهداف في صراع متصاعد أصبح على حافة الهاوية، إذ جرى رسم خرائط لأكبر ميناء في إسرائيل، وسفينة الإنزال “كوميميوت”، وبطاريات القبة الحديدية الشهيرة، وحتى المكاتب الفردية للقادة العسكريين الإسرائيليين وفق الصحيفة البريطانية.
ويتبادل حزب الله، الذي يتمتع بقوته وعتاده وخبرته القتالية، إطلاق النار مع جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، عندما بدأ صراعاً منخفض الكثافة دعماً للمقاومة الفلسطينية.
وقد أدى ذلك إلى إجلاء 70 ألف إسرائيلي ومقتل العشرات، بينما تسود مخاوف من نشوب حرب شاملة بعد اغتيال شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في الثلاثين من تموز.
وتعهد حزب الله بجعل إسرائيل “تبكي بشدة” رداً على هذه العملية. وبعد ساعات، تعهدت إيران بالانتقام أيضاً، بعد مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في طهران عقب حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
التهديدان معاً يضمنان انتقاماً مكثفاً ضد إسرائيل، وهو ما قد يوسع نطاق الصراع في الأراضي المحتلة وربما يجلب الحرب إلى عتبة حيفا، وفق فاينانشال تايمز. وتضم حيفا منشآت الاحتلال الحساسة، بداية من الميناء ومحطات لتكرير النفط ومجمعاً للبتروكيميائيات يعد واحداً من أهم المراكز الاقتصادية في إسرائيل وأكثرها حساسية، لكونه يضم العديد من المنشآت التي تعالج وتخزن المواد البتروكيميائية، ما يعد بمثابة قنبلة موقوتة، وفق تقارير إسرائيلية.
وتسيطر منذ سنوات عدة مخاوف واسعة على الإسرائيليين من حدوث “كارثة” في ميناء حيفا، على غرار ما حدث في مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، والذي أودى بحياة 215 شخصاً وإصابة نحو 6500، وأضرّ بقرابة 50 ألف وحدة سكنية، وقُدرت خسائره المادية بنحو 15 مليار دولار.
وفي نيسان 2021 أوصت لجنة حكومية بإخلاء مصانع البتروكيميائيات في خليج حيفا بغضون عشر سنوات. والميناء هو الرئيسي في إسرائيل، إذ تمر ما يقرب من 30 مليون طن من البضائع عبره سنوياً، أكثر من أي ميناء آخر في إسرائيل، وفق الموقع الإلكتروني للميناء.
وتستخدم إسرائيل موانئها البحرية، في تصدير واستيراد أكثر من 99% من بضائعها والمشتقات النفطية، لكن ميناء حيفا تحديداً يتمتع بموقع استراتيجي لأنه يشكل مدخلاً بحرياً لشرق البحر المتوسط، ومحطة دائمة للأسطول السادس الأميركي، وقرب مقر البحرية الإسرائيلية.
وفي حزيران الماضي، نشر “حزب الله” مقطع فيديو يظهر ما قال إنها لقطات صورتها طائرة مراقبة تابعة له لمواقع حساسة في إسرائيل، بما في ذلك موانئ بحرية ومطارات في مدينة حيفا.
ويظهر في المقطع الذي تجاوزت مدته 9 دقائق، صوراً عالية الدقة لميناء حيفا بالكامل، بالإضافة إلى مجمع الصناعات العسكرية لشركة رفائيل للصناعات الدفاعية ومنصات للقبة الحديدية ومخازن صواريخ للدفاع الجوي.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي حينها أن الفيديو يتضمن مكاتب هيئة تطوير الأسلحة في خليج حيفا. كذلك، أظهر الفيديو أيضاً تكتلاً عمرانياً في مستوطنة الكريوت، يضم 260 ألف مستوطن، في إشارة إلى الكلفة البشرية الكبيرة التي قد تتكبدها إسرائيل في حال اندلعت حرب شاملة مع الحزب.