سواء من “حزب الله” أو غيره، لا يُمكن لأيّ طرفٍ إنكار خطورة الخروقات الاستخباراتية الإسرائيلية التي تؤدي إلى عمليات اغتيالٍ في صفوف الحزب، خصوصاً أن من تعمد إسرائيل إلى تصفيتهم هم من الضباط الميدانيين والقادة الأساسيين.
المسألة هذه لم يوجِد لها “حزب الله” الحلّ المناسب، فبعدما قيل إن الأخير اكتشف ثغرات أمنية في شبكته الأرضية وبات يعتمد وسائل بدائية للإتصال بهدف لجم الخروقات الإسرائيلية، إلا أن ذلك لم يُجدِ نفعاً بدليل أن الإغتيالات تتواصل، وكان آخرها في بلدة مجدل سلم – الجميجمة، حيث استهدفت طائرة إسرائيلية منزلاً كان يمكث فيه القيادي في قوة “الرضوان” علي معتوق.
السؤال الأكثر طرحاً هنا هو التالي: ما هي الأمور التي فعلها “حزب الله” ومن شأنها أن تعزز الخروقات التي تطاله؟
يقولُ مصدر معني بالشأن العسكريّ لـ”لبنان24″ إنّ الحرب السورية كانت عاملاً أساسياً بانكشاف وجوه قادة الحزب الأساسيين، وما يؤكد ذلك هو أن معظم القادة الذين تم استهدافهم كانوا مشاركين في القتال في سوريا، ولهم صورٌ هناك.
الأمرُ هذا تعترف به جهات مقربة من الحزب، وتقول إن الصراع في سوريا جعل الحزب مكشوفاً أمام أعين أجهزة الاستخبارات التي دخلت الميدان السوري خلال الحرب، وبالتالي تم تعزيز عمليات جمع ورصد المعلومات عن قادة الحزب بشكلٍ كبير.
وبحسب المصدر، فإنَّ إسرائيل استغلت الحرب السورية لصالحها والهدف كان جمع أكبر قدرٍ من المعطيات الاستخباراتية عن مختلف القادة الميدانيين التابعين لـ”حزب الله”، وهو ما تصفهُ تل أبيب بـ”بنك الأهداف” الذي يشمل الكثير من المعطيات.
صحيحٌ أن الحرب السورية ساهمت في جعل الحزب يؤازر الحكومة السورية عسكرياً، لكنها ساهمت أيضاً في انكشافه أمنياً، علماً أن الحزب قد لا يكون استعمل شبكة اتصالات أرضية هناك لإتمام اتصالات معينة، ما يُرجح فرضية انكشاف محادثات قادته هناك ودخول الإسرائيليين إليها وتحديد بصمات صوتهم وصورهم بطرقٍ سهلة لا يمكن نفي وجود جواسيس ضمنها، بحسب ما يقول المصدر.
عملياً، فإنّ وجود الحزب داخل سوريا بشكلٍ مفاجئ لإتمام مهام قتالية سيعني دخوله الميدان من بوابة المؤازرة التي قد لا تكون على جهوزية تقنية، ما يشير إلى أن إمكانية الرصد التقني ستكون متوافرة خصوصاً أن أجهزة الاستخبارات المناوئة لسوريا ولحزب الله كانت تنشطُ في سوريا بكثافة في خضم الحرب.
ما هو الأمر الأكثر خطورة؟
المسألة الأكثر خطورة تتمثل في أنّ تسريبات صور القادة الذين يتم اغتيالهم تأتي عبر وسائل التواصل الإجتماعي قبل أي يعلن الحزب عنها أو ينشرها بنفسه. إن تمّ التدقيق قليلاً بهذا الأمر، سيتضحُ تماماً أن هناك جهات لديها “بنك صور” ومعلومات عن القادة الميدانيين التابعين لـ”حزب الله”، وما يجري هو أن تسريب الصور وتناقلها بسرعةٍ وكثافة لا يُمكن اعتباره بريئاً وعابراً.
المسألة هذه قد تؤثر على قادة آخرين أيضاً، ففي حال تم تناقل صورٍ خاطئة، فمن شأن ذلك أن يكشف هوية أشخاص قد لا يكونون معنيين بالحدث أو الاغتيال، فيما هم من المسؤولين الذين لا يمكن انكشاف هويتهم لأن حياتهم ستُصبح معرضة للخطر.
لهذا السبب وغيره، فإنّ ما يتبين بشكلٍ واضح هو أنّ قاعدة بيانات “حزب الله” بحاجة إلى إعادة مراجعة من جهة، وإلى عملية ضبطٍ من جديد. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تواجد قادة الحزب داخل أماكن سكنية وبلدات مأهولة سيكون مساهماً إلى حدّ كبير في تصعيد عمليات الخرق، فما الذي يمنع وجود جواسيس في بلدات وقرى ينشط ضمنها مسؤولو الحزب؟ هنا، يُيجب المصدر المعني بالشأن العسكري قائلاً: “على الأقل، فإن شبكة الجواسيس التابعة لإسرائيل ستعمل على عملية رصد استخباراتي ميداني، ومن هناك سيكون الأمرُ الخطير الذي يتحدد بنقل المعلومات إلى الجيش الإسرائيلي وبالتالي تحديد المواقع المستهدفة إستناداً للمراقبة العملياتية ومقاطعة المعلومات الاستخباراتية”.
لهذه الأسباب وغيرها، يقول مصدر معني، فإنه من الضروري جداً أن يُعيد “حزب الله” حساباته التقنية والاستخباراتية، فالمسألةُ التي يتعرض لها ليست سهلة أبداً.. والسؤال الأهم والأبرز الذي لم تنكشف إجاباته بعد: ما الذي يمكن أن يفعله “حزب الله” لحماية قادته ومسؤوليه من الرصد والاستهداف المتزايد؟ وهل وجد الحل لذلك بشكل فعلي؟ الإجابات ستكشفها معطيات الميدان لاحقاً…