فيما تتزاحم المبادرات التي تتعلّق بالملف الرئاسي والتي تنتهي في ثلاجة الإنتظار، حتى الإفراج عن التسوية الكبرى في المنطقة التي ستلي حتما الحرب على غزة والجنوب اللبناني، لكن اللافت في المبادرات رفضها من أطراف ليس لمضمونها بل للجهة التي تتقدم بها، مما يؤكد أن الداء مستعصي والشغور سيطول في سدة الرئاسة.
“كما كل المبادرات” بهذه الكلمات يصف الكاتب والمحلّل السياسي سركيس أبو زيد في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، ما أطلقته المعارضة من خارطة طريق فيما يخص الملف الرئاسي، لا سيّما أنها ستواجه كغيرها بفيتو من أطراف أخرى.
ويوضح في هذا الإطار الأسباب التي لا يمكن معها الوصول إلى توافق حول أية مبادرة، فالنظام اللبناني قائم على فكرة التوافق واللبنانيين اعتبروا أنفسهم أنهم قاموا بمعجزة واخترعوا ما يسمى “الديمقراطية التوافقية” التي تحتاج إلى تفاهم الأطراف الأساسية على أي قرار، ولبنان اليوم أمام خيار إما تطبيق هذه الديمقراطية على كافة القرارات أو الذهاب إلى تغيير النظام.
ولكنه يرى بما أن لبنان يسير في طريق هذه الديمقراطية فإن عدم وجود توافق بين الموالاة والمعارضة أو ما يسمى بين 8 و14 آذار فلن يحصل أي شيئ إيجابي في لبنان، فأي مبادرة يتم إطلاقها لا يأخذ أي طرف عناء درسها بل يأخذون منها موقفاً سلبيا على الخلفية السياسية لطارحها.
وبما أن البلد لا يطبق الديمقراطية العددية فيمكن الركون إلى موازين القوى، لكن هذا أيضا دونه عقبات فلا يمكن لأي طرف أن يفرض رأيه وفق هذه الموازين في لبنان على الآخر، معترضاً حول ما يدعيه البعض عن أن حزب الله يملك فائض قوة ويفرض رأيه على الآخرين، لأنه بتركيية الطوائف لا أحد يمكنه أن يفرض رأيه على الآخر.
ويذهب إلى المشهد المحيط بالمنطقة لينبّه إلى أنه لا يوجد توافق إقليمي ودولي أو داخلي وبالتالي فإن ذلك يحسم الجدل عن إمكانية الوصول إلى قرار، وبالتالي فإن تحديد هوية رئيس جمهورية ليست بالأمر السهل، ولكن الأطراف تحاول تقطيع الوقت بمبادرات فلكلورية من مبادرات وخارطة طريق وغيرها لا توصل إلى مكان بانتظار نضوج التسوية.
ويعبّر عن خوفه نتيجة معلومات وصلته بأن لبنان متروك في براد الإنتظار حتى تنتهي التسوية في المنطقة وعلى ضوئها فإما يربح لبنان ورقة يانصيب و”ينفد بريشو” أو سيكون جائزة ترضية للآخرين وفق ما تقتضيه مصالح الدول الكبرى فقد يكون جزءاً من سوريا بهدف إرضائها في حال ضموا جزءاً من أراضيها إلى تركيا، وبالتالي فإن احتمال تقسيمه وتوزيعه أمر وارد.
ويلفت إلى أن هذا الإحتمال وارد مع وجود حوالي 3 مليون سوري على أراضيه حيث يؤدي وجودهم إلى تغيير ديموغرافي وبالتالي إلحاق جزء من الأراضي اللبناني بسوريا يصبح أمراً مرجحاً، لافتاً إلى أمر أوروبي لجميع المسيحيين من البطريرك إلى كل زعماء المسيحيين بعدم إثارة موضوع النازحين من جديد، ولذلك تراجعت حدة المطالبات بإعادة النازحين من جانب هؤلاء.
ويشير أيضاً إلى خلق جدلية حول ملفات متعددة مثل القرار 1701، وصلاحيات المسيحيين، متسائلاً في هذا الإطار ماذا تنفع الصلاحيات لأي طرف من الأطراف إذا ذهب البلد أو ماذا تنفع القرارات الدولية إذا انتهى لبنان.
ويشدّد على ضرورة التفكير في إنقاذ البلد وبعدها ليفكروا بكل ما يمكن أن يحسّنه، فالبلد بخطر لا يبدو أن الأطراف تعيه جيّداً.