في موازاة الحملات التهويلية الإسرائيلية للبنان والتصعيد والحماوة في الميدان على جبهة الجنوب، تتواصل التحركات الديبلوماسية والوساطات الأميركية والفرنسية المشتركة من أجل تهدئة الخطاب أولاً، والجبهة ثانياً، ما يؤشِّر إلى أن قنوات الإتصال “تحت الطاولة” ما زالت ناشطة رغم المسافة البعيدة نحو الحرب التي قطعها طرفا المواجهة على هذه الجبهة. ولا يرى سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبارة، أن الحرب قد اقتربت وإن كانت طبولها تقرع من خلال العمليات العسكرية “المضبوطة” حتى اللحظة من جهة، والمواقف العالية السقف من قبل “حزب الله” وإسرائيل من جهةٍ أخرى.
وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، يستبعد السفير طبارة وصول الجبهة إلى مرحلة الإنفجار، مشيراً إلى إعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بأن كلاً من الحزب وإسرائيل لا يسعيان إلى حربٍ واسعة النطاق، ويلاحظ أن اندلاع الحرب مرهون فقط بأي “حماقة” أو “هفوة” أو خطوة “غير محسوبة” من نتيناهو قد تحصل وتؤدي إلى الإنزلاق نحو المواجهة الموسعة، ولكنه سيجد دولاً عدة في مواجهته، خصوصاً وأن عواصم القرار تعمل من أجل التهدئة ومنع الحرب.
وعليه، فإن السيناريوهات المتعددة التي يتمّ رسمها في بعض الحلقات الضيقة حول حرب برية أو اجتياح أو عدوان إسرائيلي، وعلى الرغم من التهديدات الإسرائيلية اليومية، ليست واقعية وفق طبارة، إذ أن كل الأطراف تعمل حالياً للتهدئة والموفد الأميركي آموس هوكستين ما زال مستمراً في مهمته لتهدئة جبهة الجنوب، لأن ما من مصلحة لأي طرف وحتى لإسرائيل بحصول الحرب، وكذلك إيران التي تركِّز على “ميزان الرعب” من خلال قوة الردع المتمثلة بصواريخ الحزب.
وعن مهمة هوكستين، يقول طبارة إن أصداءها في الإعلام غير دقيقة، مذكِّراً بجلسات التفاوض ال13 التي شارك فيها في واشنطن خلال حرب “عناقيد الغضب” على لبنان، إذ أنه بعد كل جلسة تفاوض كان يجري الحديث عن فشل، إلى أن تمّ التوصل إلى وقف إطلاق النار عندما جرى الحديث عن ضغط “هائل”، بينما في الواقع، فإن المفاوضات كانت تسير ببطء وخطوةً خطوة حتى نجحت في وقف الحرب، وليس أي ضغط خارجي.
ورداً على سؤال حول تهديد الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله لقبرص في إطلالته الأخيرة، وتداعياته على العلاقات بين البلدين، يرى السفير طبارة أن الأزمة ناشئة و”لن تكبر”، وهي حالياً في إطار الإستيعاب والإحاطة من قبل الطرفين وعبر الأطر الديبلوماسية، وبالتالي لن تتطور المسألة إلى ما هو أكثر سلبيةً، مع العلم أنه من المبكر الحديث عن أزمة.
أمّا إذا حصل الهجوم الإسرائيلي على لبنان، يستدرك طبارة، واستخدمت إسرائيل الأراضي القبرصية لتنفيذ عمليات، فإن أي ردة فعل من الحزب، لن تكون أمراً سهلاً مع وجود 190 كلم مع الجزيرة، حيث من المستبعد أن يلجأ الحزب إلى إطلاق أي صاروخ باتجاه قبرص في إطار رد الفعلّ.
ولذلك، يعتبر طبارة أنه لا ينقص لبنان أزمات جديدة كي تكون هناك أزمة ديبلوماسية مع قبرص، ولم يصل لبنان بعد إلى مرحلة التوتر بعد موقف نصرالله الأخير.