خاص موقع JNews Lebanon
صرّح أستاذ جامعي متخصص في علم الاجتماع، مُعلقاً على تصريحات وزير الداخلية التي رفض فيها فكرة الأمن الذاتي، ومُفنداً الأسباب التي تدفع المواطنين والمجتمعات إلى لجوئهم لهذا النوع من الأمن. وأشار إلى أنه من الأجدر بالحكومة بأكملها، وبوزير الداخلية خصوصاً، أن يوجّهوا اهتمامهم نحو الأسباب الكامنة وراء تفكير البعض في الأمن الذاتي. غالباً ما يحدث اللجوء إلى الأمن الذاتي داخل الدولة عندما يشعر الأفراد أو المجتمعات بأن الأنظمة الرسمية للدولة غير قادرة على توفير الحماية الكافية أو عندما تكون هذه الأنظمة ضعيفة أو فاسدة.
بحسب الأستاذ الجامعي، يمكن أن يحدث هذا الانتقال في عدة سياقات ومراحل مختلفة:
1. فشل الدولة في توفير الأمان: عندما تفشل الدولة في حماية مواطنيها من الجريمة أو العنف، قد يلجأ الأفراد والمجتمعات إلى تنظيم أنفسهم لتوفير الأمن الذاتي، مثل تشكيل ميليشيات محلية أو جماعات حراسة لحماية المجتمعات.
2. النزاعات المستمرة: في سياق النزاعات المستمرة بسبب وجود سلاح غير شرعي خارج إطار المؤسسات الرسمية، تنهار الأنظمة الأمنية للدولة، مما يجبر الأفراد، بفعل عدم الشعور بالإستقرار وإنعدام المستقبل، على حماية أنفسهم وعائلاتهم.
3. التمييز أو الإهمال من قبل الدولة: في بعض الأحيان، قد تتعرض مجموعات معينة للتمييز أو الإهمال من قبل الدولة، مما يجعلهم يشعرون بعدم المساواة وبالحاجة إلى تنظيم أنفسهم لحماية مصالحهم وأمنهم.
4. التحولات السياسية أو الاقتصادية: التغيرات الكبيرة في النظام السياسي أو الانهيار الاقتصادي المتسارع بفعل إنعدام الرؤية، مثل الانقلابات التي يحاولون فرضها بالقوة على النظام السياسي أو الأزمات الاقتصادية العميقة التي ضربت لبنان منذ سنة ٢٠٢٠ وإنعدام الرؤية الواقعية للحل، قد تؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات الأمنية والإقتصادية للدولة، مما يدفع بعض الجماعات إلى البحث عن بدائل للأمن الذاتي.
5. عدم الاستقرار الإقليمي: النزاعات الإقليمية و تفلّت الحدود للدولة قد تؤدي أيضاً إلى حالة من اللااستقرار الداخلي بسبب حركة النزوح غير الشرعي بحيث تضع المجتمعات تحت ضغوط تغيرات ديموغرافية وتنافس اقتصادي غير مشروع، مما يجعل الأمن الذاتي ضرورة للمجتمعات المتأثرة.
يختم الأستاذ الجامعي بالقول إن تطور الأمن الذاتي غالباً ما يأتي كاستجابة لظروف معينة غابت وتغيب عن بال الحكومة ووزير الداخلية، ويمكن أن يختلف توقيته بناءً على السياق المحلي والعوامل الخارجية. في وضع لبنان الحالي، يمكن أن يتطور بسرعة كاستجابة لحوادث السرقة والخطف والقتل المتكررة بدون رادع جدي، بينما في حالات أخرى، قد ينمو تدريجياً كنتيجة للتدهور المستمر لسنين في الظروف الأمنية. فكيف الحال إذا توافرت كل هذه العوامل في بلد صغير مثل لبنان، حيث لا يوجد وعي كافٍ من الدولة، وارتهان معظم أجهزتها لأحزاب فئوية تسيطر على مسار العدالة الوطنية؟