أصدر مصرف لبنان التعميم 166 الذي يحدد فيه آلية استفادة المودعين من أموالهم الدولارية المودعة في المصارف اللبنانية. فقد قرر المصرف المركزي في تعميمه انه “دون المس بحق المودعين باستعادة ودائعهم، على كل مصرف عامل في لبنان، القيام بما يلزم لتأمين تسديد تدريجي للودائع بالعملات الاجنبية المكونة في الحسابات المفتوحة بعد 31/10/2019 وفقاً لشروط محددة ومحكمة تجعل من المستفيدين من التعميم قلة قليلة.
ويُعد هذا التعميم بديلاً عن التعميم رقم 151 منتهي الصلاحية نهاية 2023 حيث سيُعمل بالتعميم المذكور حتى نهاية شهر حزيران من العام 2024 قابل للتجديد. أما مضمون التعميم فهو:
المادة الأولى/ دون المس بحق المودعين باستعادة ودائعهم على كل مصرف عامل في لبنان أن يقوم استثنائياً بما يلزم لتأمين تسديد تدريجي للودائع بالعملات الاجنبية المكونة في الحسابات المفتوحة بعد 2019/10/31 وفقاً للشروط والآلية المحددة ادناه:
المادة الثانية:
أولاً: بغية استفادة أي شخص طبيعي صاحب حساب مقيم او غير مقيم في ما يلي “صاحب الحساب” من احكام هذا القرار، يعتمد مجموع ارصدة حساباته الدائنة كافة بالعملات الاجنبية، من غير “الاموال النقدية” بمفهوم القرار الاساسي رقم 13548تاريخ 2023/4/19 (تعميم اساسي رقم (165، بما فيها الحسابات ذات الصلة التي يشارك أو يكون طرفاً فيها أو يستفيد منها كالحساب المشترك أو بالاتحاد …)، المكونة بعد 2019/10/31 لدى أي مصرف على حدة وذلك على أن تحتسب هذه الأرصدة كما موقوفة بتاريخ 2023/6/30.
ثانياً: يستفيد من أحكام هذا القرار “صاحب الحساب” عن: حساباته لأجل المفتوحة بعد تاريخ 2019/10/31، عند انتهاء آجالها. – الضمانات النقدية (Cash Collateral) المقدمة منه بعد تاریخ 2019/10/31، عند تحريرها.
2- الاشخاص الذين تظهر حساباتهم حركة شيكات مصرفية تدل على عملية تجارة شيكات بعد تاریخ 2019/10/31.
3- الاشخاص الذين حولوا بعد تاريخ 2019/10/31، ودائع من الليرة اللبنانية إلى العملات الاجنبية بما يوازي أو يزيد عن / 300000 / دولار اميركي باستثناء المبالغ الناتجة عن تعويضات نهاية الخدمة.
4- الاشخاص الذين سددوا، بعد تاريخ 2019/10/31 ، بالليرة اللبنانية ارصدة قروض ممنوحة لهم بالعملات الاجنبية بما يوازي أو يزيد عن 300000.
5- الاشخاص الذين حولوا بعد تاریخ 2019/10/31 ، أرصدة قروضهم من العملة الاجنبية إلى الليرة اللبنانية بقيمة توازي أو تزيد عن / 300000 دولار.
6- الاشخاص الذين استفادوا من شراء ما يوازي أو يزيد عن / 75000 دولار اميرکی على سعر المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة “Sayrafa”.
ثالثاً: لا يستفيد اي “صاحب حساب من احكام هذا القرار اذا كان من:
1- الأشخاص المحددين في المادة الثانية من القرار الاساسي رقم 13262 تاريخ 2020/8/27التعميم الأساسي رقم (154 ولم يقم بإعادة النسبة المطلوبة، على أن لا يمس ذلك بالموجب الملقى على عاتق المصرف المعني بحث عميله على اعادة النسب المطلوبة من الاموال المحولة إلى الخارج.
المادة الثالثة: لا يستفيد من احكام هذا القرار عن اي حسابات له بالانفراد أو بالاشتراك أو بالاتحاد، العميل الذي استفاد أو يستفيد من احكام القرار الاساسي رقم 13335 تاريخ 2021/6/8 (تعميم اساسي
رقم (١٥٨) وذلك في أي من المصارف.
وفي حال استفادة احد الشركاء في الحساب المشترك من احكام هذا القرار لا يمكن لشريكه الاستفادة من احكام القرار الاساسي رقم 13335 تاریخ 2011/6/8 (تعمیم اساسي رقم (185 عن الحساب المشترك هذا انما يمكنه الاستفادة من القرار الأساسي رقم 13335 المذكور عن حساباته الأخرى اذا لم يكن مستفيداً من احكام القرار الحاضر.
المادة الرابعة:
اولاً: في حال أراد صاحب الحساب” الاستفادة من أحكام هذا القرار، عليه أن يطلب من المصرف المعنى أن يفتح حساباً خاصاً متفرعاً” (Special Sub Account).
ثانياً: يعود “لصاحب الحساب” سحب المبالغ المحددة أعلاه كلياً أو جزئياً في أي وقت يشاء وفي حال عدم سحب الحد المسموح به شهرياً تتراكم المبالغ غير المسحوبة إلى الاشهر الثانية وتبقى في حسابه من الأموال النقدية” (Fresh Account) الذي تطبق عليه الاعفاءات والموجبات المنصوص عليها في القرار الاساسي رقم 13217 تاريخ 2020/4/9 تعميم اساسي رقم 150).
ثالثاً: يمكن لصاحب الحساب” أن يسحب كلياً أو جزئياً القيمة المودعة في “الحساب الخاص المتفرع” بموجب شكات أو تحاويل إلى حساب آخر داخل لبنان لدى المصرف نفسه أو لدى مصرف آخر.
رابعاً: يستفيد “صاحب الحساب” بمفعول رجعي عن الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطلب وتوقيع رفع السرية المصرفية لغاية تاريخ فتح الحساب” الخاص المتفرع” بحيث تدفع كامل المبالغ المستحقة عن هذه الفترة بتاريخ أول دفعة”.
من الملاحظ أن الشروط المفروضة معقدة، لدرجة أنها تعطي المصارف هامشاً كبيراً للتهرب من التطبيق كون الموضوع يتعلق برفع السرية المصرفية وتوقيع المودع على تعهد مسبق يعفي المصرف من المسؤولية ومن النتائج المترتبة عن عدم تنفيذ مضمون التعميم. ويعود هذا الأمر ، كما يقرأ مصدر مالي بارز ، الوضع، إلى أن كثير من المصارف العاملة في لبنان لن تستطيع الإلتزام بالتطبيق نظراً لفقدانها للسيولة وعدم صدور أي شيء يتعلق بهيكلة المصارف.
لطالما كانت المصارف تنتظر صدور قانون ل” الكابيتال كونترول” الذي يقيد سحوبات المودعين بمبالغ شهرية محددة ،لكن عدم إصدار هذا القانون سيؤدي، بحسب ما يؤكد المصدر لـ”لبنان24″، إلى تباين كبير مع جمعية المصارف التي طالبت مراراً وتكراراً بإصدار قانون ل” الكابيتال كونترول” متضمناً تحديد للمسؤوليات عن الخسائر التي تحققت خلال السنوات السابقة وقبل إصدار التعميم 166 كي لا يتعذر تنفيذه.
وتتوقع مصادر نيابية أن تتجه وزارة المال إلى رفد تعاميم المركزي بتدابير تتصل بتحديد سعر صرف جديد لدولار المودعين، وهذا من شأنه أن يقلل من نسبة الاقتطاع التي تتجاوز 83 % على تنفيذ السحوبات المتاحة وفقاً للتعميم العالق.
تجدر الإشارة إلى أن التعميم 166 الجديد يشير إلى أن المبالغ التي ستدفع للمودعين ستكون 50% منها على عاتق المصرف و50% على عاتق مصرف لبنان .
ولعل أخطر ما يتضمنه التعميم الجديد هو، وفق ما يشير مصدر مالي بارز، تجاوز مسألة الودائع المؤهلة والودائع غير المؤهلة وهذا سيفتح الباب لينسحب الأمر لاحقاً على غير المستفيدين من التعميم 158 الذي عدل سابقا، ليشمل كل الحسابات بما فيها تلك نفذ من خلالها عمليات صيرفة أو اودع فيها شيكات بعد 30/10/2019. ربما ما تضمنه التعميم 166 في ما يتعلق بتجاوز موضوع الحسابات المؤهلة أو غير المؤهلة سيكون السبب الرئيسي لوضع جانبا كل ما يتعلق بالمطالبة بالمحاسبة عن كل التجاوزات المصرفية التي حدثت بعد 17/10/2019.
تبقى الإشارة إلى أن التعميم 166 لا يتضمن، بحسب المصدر نفسه، أي إشارة إلى سعر الصرف الموحد المنتظر الذي تتقاذفه السلطات فضلا عن المصرف المركزي الذي وعد المودعين تكراراً بأن أي سعر صرف سيعتمد لن يكون أقل من سعر السوق وهذا طبعاً من سابع المستحيلات.
لقد ترافق صدور التعميم 166 مع صدور تعميم ثانِ عن المصرف المركزي يلزم المصارف والشركات المالية بإعتماد معايير محاسبية دولية تتعلق بإعادة تقييم موجوداتها ومنقولاتها بعد اعتماد سعر صرف السوق أي 89500 ليرة وهذا التعميم سيكون بمثابة القشة التي ستقسم ظهر البعير بالنسبة للمصارف التي ما زالت تعتمد سعر 15000 ليرة لتقييم موجوداتها وفي حال اعتمدت سعر السوق سوف تظهر مشاكلها لناحية عدم توفر السيولة وربما الملاءة أيضاً وبالتالي سيعلق العمل حتى بشيكاتها المسحوبة على مصرف لبنان.
خلط حاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري، بحسب المصدر نفسه، الأوراق بإصداره التعميمين المذكورين ورمى كرة النار بوجه الجميع معلناً عن مرحلة جديدة لن تنقضي بسلامة وستجعل من جميع الأفرقاء يترحمون على زمن الحاكم السابق الذي خرج من الحاكمية بسلامة.
ولا شك أن المصارف ستكون بأمس الحاجة إلى ضخ رساميل جديدة، إلا أنّ ذلك يرتبط بقوانين “الكابيتال كونترول” و”إعادة هيكلة المصارف وإعادة الانتظام المالي”، وهي القوانين التي لم تقر حتى الساعة أسوة بخطة التعافي نتيجة الخلافات والنكايات السياسية. فالحكومة قدمت 6 مشاريع قوانين إصلاحية لكن الخلافات السياسية لا تزال تحول دون إقرارها.
ومن هنا تقول مصادر حكومية أن لا بد من عمليّة إعادة رسملة المصارف ضمن قانون اعادة هيكلتها لتعيد ملاءتها وسيولتها وقدرتها على تسليف الاقتصاد والسداد للمودعين وهذا القانون لم يبت به بعد مجلس النواب، كما أن هناك أهمية لقانون إعادة الانتظام للقطاع المالي لتحديد الخسائر مع إمكانية لتأمين الودائع إلى حد الـ100 ألف دولار لكل مودع على مدى عدة سنوات، لكن الامر يحتاج ايضاً إلى قانون، علما أن الاصول الموجودة تقل عن الخصوم(الودائع)، إذ أن الخسائر المالية في القطاع المصرفي تبلغ نحو 72 مليار دولار أميركي وهذا كله يستدعي الإسراع في إقرار مشاريع القوانين المالية والإصلاحية. وربطاً بالواقع المالي الراهن، فإن دخول التعميم 166 حيز التنفيذ يستدعي التزام كل المصارف بتطبيقه وإلا ستكون جمعية المصارف أمام اجتماعات جديدة لاتخاد القرار المناسب، علماً أن منصوري عقد سلسلة مشاورات مع جمعية المصارف أفضت إلى إصدار التعميم 166.