كتب هاني نصّار
رئيس جمعيّة برباره نصّار لدعم مرضى السرطان
يقتلوننا ويمشون في جنازتنا!
من المعروف أن أدوية الأمراض السرطانيّة ليست متوفّرة لكافّة مرضى السرطان بالسعر المدعوم من مصرف لبنان، إذ إنّ المبالغ المرصودة شهريّاً لا تكفي أعداد المرضى المسجّلين في وزارة الصحّة.
أمّا المجهول المرتقب ما بعد رأس السنة الجديدة، فهو كارثيّ يحرم آلاف المرضى من علاجاتهم وبالتالي سيقتلهم بالضربة القاضية.
ولا ننسينّ أنّنا كلّنا مشاريع مرضى! خاصة أنّ الدراسات تبيّن أنّ أعداد المصابين بالأمراض السرطانيّة في لبنان ستتضاعف في القريب العاجل!
والسيناريو المرتقب، فهو وقف مصرف لبنان سياسة الدعم، واضطرار وزارة الصحّة العامّة إلى تمويل الخدمات الصحّيّة من ميزانيّتها الخاصّة، ما سيجبرها على اعتماد برتوكولات منظّمة الصحّة العالميّة الأساسيّة، التي تعتمدها الدول الفقيرة. ما يعني تأمين العلاجات الكيميائيّة الأساسيّة والتخلّي عن غالبيّة الأدوية والعلاجات المتطوّرة.
مجرّد طرح الفكرة على المرضى والجسم الطبّي، يثير الرعب في النفوس. فلبنان الذي كان السبّاق في استيراد العلاجات الحديثة، واعتماد طرق العلاج المتقدّمة، سيبدأ بمعالجة مواطنيه على طريقة الصومال والسودان وأفغانستان وغيرها من الدول الأكثر فقراً.
وزارة الصحّة ستتكفّل بتأمين العلاجات البخسة الثمن للمرضى غير المضمونين، فيحرمون من العلاجات الثمينة.
ماذا عن المرضى المضمونين؟! حتّى يومنا هذا، ما زال الضمان الاجتماعي لا يغطّي كلفة أي علاج غير مدعوم من مصرف لبنان. ماذا عن مرحلة بعد رفع الدعم؟! فإدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد تخلّت عن مرضى السرطان منذ عدة سنوات. مع العلم أنها قد وعدتنا بإعداد دراسة تسمح لها بإعادة التغطية منذ ما يقارب السنة، خاصة أنّها قد زادت قيمة اشتراكات المضمونين. وحتّى اليوم، لم يتغيّر شيئ.
عندما نلجأ إلى اقتراح خطط بديلة لتمويل علاج مرضى السرطان في وزارة الصحّة، كوضع ضرائب خاصّة على التبغ والكحول والسكريات، أسوة بالدول الأخرى، خاصة التي مرّت بأزمات اقتصاديّة، نصطدم بمصالح السياسيّين الفاسدين نفسهم الذين أوصلونا إلى هذه الحالة. فتأتي الردود برفض هذه الضرائب بحجج واهية. مثلاً ان الضريبة على الكحول هي غير ميثاقيّة، والكلّ يعلم من هم روّاد الملاهي الليليّة وليسوا من طائفة واحدة. وإنّ الضريبة على التبغ هي بمثابة تعدّي على المقاومة إذ إن المستهدفين هم مزارعو الدخان في الجنوب، وهذه كذبة كبيرة… فرفضهم لهذه الضرائب عائد إلى أنّها تخفّف من أرباحهم…
طبقة سياسيّة فاسدة، سرقوا أموالنا وأموال الدولة، يمعنون في قتلنا يوميّاً دون أن يرفّ لهم جفن. وقمّة الوقاحة أن يطلب منّا رئيسهم “أن نحمل بعض”.
يقتلون القتيل ويمشون في جنازته.
لا خلاص لنا إلّا بالتخلّص منهم، بالوعي.