رأى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد الدكتور محمد عباس أنه “مع توسع الحرب دخول لبنان فيها بات وشيكاً، فإن إستمر القصف التدميري على غزة لن يتجاوز الأمر بضع الساعات”.
وفي مقابلة عبر “سبوت شوت” ضمن برنامج وجهة نظر قال عباس: “الدعم الأميركي لإسرائيل تحول إلى جسر جوي متواصل، وما قصفه الإسرائيليون على غزة حتى اليوم، يعادل ما إستهلكته الولايات المتحدة الأميركية على أفغانستان خلال عام”.
وإعتبر أنه “من أهم أهداف عملية طوفان الأقصى هو إستدراج إسرائيل إلى عملية برّية تكون فيها الغلبة للفلسطينيين، لذلك لا زال العدو الإسرائيلي حتى اليوم يماطل، والعملية مستحيلة ومستبعدة، ففي غزة مدينة تحت الأرض ومقاتلين متحفزين. لذلك توسيع العملية لتشمل لبنان مرتبط بإستمرار الإعتداءات على غزة وتدميرها الممنهج، وليس بالتوغل الإسرائيلي داخلها”.
كما أكد “أن هناك أهداف سياسية وراء التدمير الإسرائيلي لغزة، قالها الرئيس الأميركي جو بايدن بصراحة أنه على مصر إستقبال النازحين المصريين، هذا مخطط قديم يعود إلى زمن “صفقة القرن” حين كان مطروحاً وضع غزة تحت الوصاية المصرية، أما اليوم الهدف هو تدمير غزة وما نزل عليها حتى اليوم من قصف يوازي ربع قنبلة هيروشيما”.
وأضاف “العدو مردوع على الجبهة اللبنانية، وتحرك الأساطيل في المتوسط هو لإعطائه دفع معنوي ولطمأنته، في حين أن الجبهة اللبنانية تشغل باله دائماً، فلو بقيت هادئة لكان إرتاح وحوّل كل قواته إلى غزة”.
وتابع “نحن لم نصل بعد إلى مسألة الحرب الشاملة وإجتياح الجليل، ولكن هذا الأمر لن يحتاج أكثر من ساعات أو أيام قليلة، فلا يمكن أن يقبل المحور وتحديداً المقاومة في لبنان أن يستمر هذا القصف التدميري لتنفيذ مخطط تهجير غزة كلياً إلى سناء، خاصة وأن النظام المصري قد بنى مدينة بدل رفح القديمة على بعد كيلومترات قليلة من غزة، وهي تستطيع إستيعاب الملايين”.
وأوضح أنه “بالعلم العسكري، العدو الإسرائيلي غير مؤهل للدخول البرّي، والقوات الخاصة الإسرائيلية الجاهزة لحرب الأنفاق والمدن لا تكفي لمدينة متوسطة بحجم خان يونس أو رفح، لذلك سيستمر العدو بالتدمير والمماطلة حتى يطلب منه أخيراً النزول عن الشجرة ووقف القصف، هو لن يدخل برياً وأنا أجزم ذلك، فالخطوط الحمراء ليست القصف البري بل الإستمرار بالقصف”.
ولفت إلى أنه “لم يكن في لبنان يوماً إجماعاً حول المقاومة التي بدأت مع إجتياح الجيش الإسرائيلي للبنان ثم توسعت وإنتشرت، وهي لديها جمهورها ومؤيديها خارج بيئتها من كل الطوائف، من الذين يعتبرون أن الهوية لها معنى وليس من الناس التي تعمل على البيع والشراء، وبكل أسف ليس في لبنان إتفاق على من هو العدو ومن هو الصديق، والانقسام اللبناني قائم وسيستمر، ولكن هذا لا يعني ان المقاومة ستتوقف وتسلم سلاحها، لأن الخطر لا يزال قائماً
وأشار إلى أن “الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لن يُطل على الإعلام إلاّ لأمرين إما لإعلان بدء الحرب أو للإعلان عن توقفه عن قصف غزة، لا احد يريد الحرب وقيادة المقاومة هي من يقرر الحرب لأن بيئتها من سيتحملها، فالحرب ليست نزهة، ولكن عندما يحسم العدو الوضع في غزة لصالحه، سيكون الهدف التالي المقاومة في لبنان، فالإنتصار الإسرائيلي في غزة سيحفز العدو ومن خلفه لتدمير المقاومة، فقيادات الغرب ترى السيد حسن في منامها”.
وأستهجن العميد عباس موقف الحكومة اللبنانية المتردد، “نحن وغزة مرتبطان بحبل السرّة وما يجري على غزة يجري على لبنان، ولكن ممثلنا الوزير عبد الله بو حبيب لم يفتح فاه في مؤتمر وزراء الخارجية العرب، وكأن المسألة لا تعنيه، ونحن جزء من المستهدفين، وكان على الحكومة اللبنانية اقله المطالبة بالإلتزام بالأطر العامة التي تضمنها الامم المتحدة بالنسبة لحقوق الإنسان وتحييد المدنيين عن الحروب، للأسف في لبنان يكفي إتصال هاتفي من السفيرة الأميركية لأحد المسؤولين كي يمتنع عن التصريح”.
وكشف إلى أن “هدف تواجد الأساطيل الأميركية في المتوسط، دعم للمعنويات الإسرائيلية المنهارة على المستوى السياسي العسكري وكذلك تحذير أي طرف آخر من الدخول في المعركة، وهذا ما قاله بايدن علناً، علماً أن الأميركي نفسه لا يرغب في الدخول في أزمة الشرق الأوسط وهو متورط في اوكرانيا بعد أن غادر أفغانستان والعراق مهزوماً”.
وختم العميد عباس مؤكداً أنه “إذا دخل لبنان المعركة، سيكون محور المقاومة إلى جانبه وسيتغير وجه الشرق الاوسط والإقليم، وهناك جغرافيا سياسية جديدة سترسم ولن يبقى الوضع على حاله، وليس أمام الشعب الفلسطيني الذي يعيش القهر والظلم تحت الإحتلال منذ 75 سنة إلاّ المقاومة، ولا خيار للبنان للحفاظ على سيادته وموارده وتحرير ما تبقى من أرضه إلاّ المقاومة. فالمقاومة في لبنان وفلسطين تتكاملان، وما يجري على غزة، يجري على لبنان، لذلك لا يمكن أن تترك غزة لتهزم وتدمر”.