يتواصل مسلسل تواطؤ سياسيين وقضاة وأمنيين مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على نحو فج غير عابئ بالتداعيات الممكنة على سير التحقيقات الأوروبية مع سلامة وآخرين في قضايا اختلاس وتزوير وتبييض أموال وجرائم مالية أخرى. جديد التواطؤ ادعاء عدم القدرة على تبليغ سلامة بموعد حضوره امام القاضية الفرنسية أود بوريسي في باريس.
وادعى القضاء اللبناني أمس فشله في تبليغ سلامة وفق الأصول بوجوب مثوله أمام القضاء في باريس، وفق ما أفاد مسؤول قضائي بارز “وكالة فرانس برس”، ما يرجح امتناعه عن حضور جلسة الاستجواب المقررة اليوم الثلاثاء.
وتقدم وكلاء سلامة أمس أيضاً بطلبات أمام القضاء اللبناني لتعليق التعاون مع التحقيقات الأوروبية والاكتفاء بالتحقيق المحلي الذي يجرى أساساً على خلفية التحقيقات الأوروبية في قضايا غسل أموال واختلاس. وأكدت مصادر حقوقية لـ”نداء الوطن” أن هناك “مغامرة مستمرة للانقضاض على التحقيق الاوروبي من دون الاكتراث بما لذلك من تداعيات خطرة جداً على لبنان وقضائه وقطاعه المالي”. واضافت المصادر انها “لا تستبعد أن تأخذ القضية بعداً دولياً خطراً اذا صدرت مذكرة جلب معممة من الأنتربول”، وأن يفتح هذا التصرف يفتح الباب امام اتهام لبنان بعدم احترام التزاماته بالتعاون في اطار مكافحة الفساد.
وقال مسؤول قضائي إن دورية أمنية توجهت الاسبوع الماضي لأربعة أيام متتالية الى مبنى مصرف لبنان لتبليغ سلامة “موعد جلسة استجوابه المقررة أمام القاضية أود بوريسي لكنها لم تعثر عليه”.
وكان مصدر قضائي قال لفرانس برس إن بوريسي أبلغت سلامة خلال الاستماع إليه في بيروت بوجوب المثول أمامها في 16 أيار في باريس، لكن أبو سمرا اعترض على الطريقة كونه يجب تبليغه عبر القضاء اللبناني وفق الأصول.
وعشية جلسة الاستجواب في باريس، تقدم وكلاء الدفاع عن سلامة وشقيقه ومساعدته، وفق المسؤول القضائي، “بدفوع شكلية أمام النيابة العامة التمييزية طلبوا فيها إرجاء المساعدة القضائية الأوروبية لكونها تتعارض مع التحقيقات الجارية في لبنان”.
وطلب محامو الدفاع “نقل جميع إجراءات الملاحقة بالجرائم المزعومة وتركيزها في لبنان” أمام أبو سمرا، الذي يقود تحقيقاً محلياً فتحه في نيسان 2022 بشأن ثروة سلامة ومصدرها على هامش التحقيقات الأوروبية.
وتركّز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة “فوري أسوشييتس” المسجّلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها شقيق الحاكم. ويُعتقد أن الشركة أدت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوندز من مصرف لبنان مع تلقّي عمولة اكتتاب، تمّ تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.
وأوضح المسؤول القضائي أن وكلاء سلامة دعوا قاضي التحقيق الى أن يطلب من القضاة الأوروبيين “تعليق تحقيقاتهم المتعلقة بالجرائم الأصلية المزعومة في ملف شركة فوري وغيرها بشكل نهائي”، ورأوا “أن ما تقوم به بعض الدول الأوروبية يشكل خرقاً صارخاً للسيادة اللبنانية”، معتبرين أن “القضاء اللبناني وحده المخوّل إجراء تحقيقات بالجرائم المزعومة المرتكبة على أراضيه”. وعلقت مصادر متابعة بالقول “إن ذلك على درجة من التنسيق على أكثر من صعيد، ولا يستبعد انه بموافقة ضمنية من اطراف في المنظومة لا تريد المغامرة بالذهاب بعيداً في التعاون القضائي مع الأوروبيين، وذلك خوفاً على نفسها وتورطها كما تورط الوزير السابق رئيس بنك الموارد مروان خير الدين”.
على صعيد متصل، علمت “نداء الوطن” ان نائبين لحاكم مصرف لبنان هما وسيم منصوري وسليم شاهين زارا باريس الاسبوع الماضي لجملة اسباب، أبرزها نقل مركز عمليات طوارئ مزعوم لمصرف لبنان مستأجر في شقة تعود لصديقة رياض سلامة آنا كوزاكوفا. وتبين للمحققين الفرنسيين ان المسألة تتعلق بخادم الكتروني يحتل مترين مربعين فقط ، لكن الإيجار الشهري يبلغ 35 الف يورو!
والتقى نائبا الحاكم مسؤولين في باريس بينهم مستشار الإليزية باتريك دوريل، الذي اكد لهما ضرورة ان يحل محل الحاكم نائبه الأول (وسيم منصوري) في حال انتهاء ولاية سلامة من دون تعيين خلف له. ويستند دوريل في رأيه الى ما جاء في قانون النقد والتسليف حرفياً، داعياً الى عدم الدخول في متاهات طائفية لا معنى لها في هذا الاستحقاق الاكثر من ضروري مالياً ونقدياً ومصرفياً بمعزل عن الأزمة السياسية.