في كل مرّة تدرس فيها الحكومة زيادة الإيرادات لتأمين حاجاتها وتمويل نفقاتها وآخرها رواتب القطاع العام، تلجأ الى الحلول السريعة والأسهل، وإن كان على حساب جيوب المواطنين التي أصبحت فارغة بفعل انهيار سعر صرف الليرة.
وإن كان رفع سعر الدولار الجمركي تدريجاً الى مستوى سعر #صيرفة، المفترض اعتماده بدءاً من 15 الجاري وفق معلومات النهار”، شرّاً لا بد منه لزيادة الإيرادات، فإن ثمة قطاعات لا يمكنها التأقلم مع الزيادات الجديدة ويمكن أن تتعرّض جدّياً للإفلاس مثل قطاع #السيارات الجديدة والمستعملة.
وبغض النظر عن مصلحة المادية لهذا القطاع، فإن أسعار السيارات سترتفع ارتفاعاً هستيرياً ولن يعود في إمكان المواطن العادي شراء سيارة وسيُترك لمصيره في ظل غياب خطة للنقل المشترك الذي ضُخّت شرايينه بباصات فرنسية لم يُكتب لها النجاح، فيما لم تبصر خطة النقل الموعودة النور، وهي الخطة التي تلازم كل بيانات الحكومات الوزارية وتبقى حبراً على ورق.
في استطلاع رأي أجري في آذار 2021، أي قبل رفع الدعم عن المحروقات والارتفاع الإضافي في سعر الصرف، تبيّن أن غالبية المستطلعين خفضوا نسب وعدد تنقلاتهم من دون أن يؤثر ذلك على نسب استعمال السيارة التي يُعتمد عليها بنسبة 70% من التنقلات. كما لوحظ انخفاض نسب استعمال النقل المشترك، ويمكن أن يكون مرد هذا الى رخص تكلفة استعمال السيارة في حينها، إذ كان سعر صفيحة البنزين لا يتجاوز 30 ألف ليرة.
ووفق الدولية للمعلومات، فقد وصلت قيمة السيارات الخاصة الجديدة والمستعملة التي استوردها #لبنان في عشر سنوات (2013-2022)، إلى 10.5 مليارات دولار. وقد سُجّلت القيمة الأعلى، وهي 1.4 مليار دولار أميركي، في العام الماضي 2022، استباقاً لرفع سعر الدولار الجمركي. أما القيمة الأدنى، وهي 312 مليون دولار، فسُجّلت في عام 2020 نتيجة جائحة كورونا (كوفيد-9)، وحالة الإقفال التي شهدها لبنان ومختلف دول العالم. ووصل عدد السيارات التي تم استيرادها إلى نحو 740 ألف سيارة، ضمنها 263 ألف سيارة جديدة، و477 ألف سيارة مستعملة.
وليس خافياً أنه إذا اعتُمد دولار صيرفة للرسوم الجمركية للسيارات، فستصبح أسعارها خيالية، علماً بأنه عند الحديث عن رفع الدولار الجمركي عمد مستوردو السيارات، على غرار بقيّة القطاعات، إلى زيادة حجم استيرادهم. فحسب إحصاءات الجمارك، ارتفع حجم الاستيراد عام 2022 نحو 60% عما كان عليه في عام 2021، ووصل عدد السيارات المستعملة المستوردة عام 2022 إلى نحو 67 ألف سيارة. وهو ما نسبته نحو 86% من حجم الاستيراد.