كتب نادر حجاز في موقع mtv:
يحضر الإسم المرشّح لرئاسة الحكومة دائماً بالتزامن مع مخاض انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأحياناً تأتي السلّة متكاملة تماماً كما حصل في انتخابات 2016 يوم انتخب العماد ميشال عون باتفاق مسبق على تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة العهد الأولى.
يختلف الوضع اليوم، ولا يبدو لإسم رئيس الحكومة المقبل أهمية كبيرة في المشاورات الرئاسية، في ظل تشتت الصوت السني وغياب الحريري، لتتقدّم أسماء أخرى كالرئيس تمام سلام والسفير نواف سلام وسواهما. إلا أن سؤالاً يُسأَل: هل تكون تسوية الرئاسة مدخلاً لعودة الحريري الى لبنان؟
“الحريري الموجود في الإمارات ليس غائباً نهائياً عن السمع”، يقول نائب كتلة المستقبل السابق عاصم عراجي، من دون أن يجزم بمدى انخراط الحريري بالمشاورات الرئاسية القائمة أو التواصل معه من قبل القوى الخارجية والداخلية، لكنه يحسم بأن “الحريري لا زال يمثّل شعبياً، وهذا ما ظهر في 14 شباط وهو القادر على الجمع داخل الطائفة السنية ومحاورة الآخر من موقع الندّ للندّ”، مضيفاً “تيار المستقبل لا يزال موجوداً على الأرض وبين الناس وعلى تواصل معهم”.
وعمّا إذا كان الحريري يقبل بالعودة الى لبنان بعد انتخاب الرئيس، وعمّا إذا كان الأمر بحاجة لإشارة سعودية، يقول عراجي في حديث لموقع mtv بما يشبه النفي: “الحريري اتخذ قراره بالاعتكاف بعد الكثير من التضحيات ولا علاقة للسعودية بهذا القرار، وهو في موقع الانتظار الى حين تبدّل المشهد في البلد، حيث قرار السلم والحرب ليس بيد الدولة والمؤسسات انهارت بالكامل”، مستطرداً: “الحريري علّق عمله السياسي في 13 شباط 2022 معلناً أسبابه ولا يوجد أي تحرّك سياسي من قبله ولا من قِبل تيار المستقبل بانتظار انتفاء الأسباب التي أدت الى اعتكافه عن الحياة السياسية، ولكن الواصح أنه “ما بدّن البلد يركب”.
وعن الواقع السني في هذه المرحلة يقول: “هناك تشرذم وتشتت سني كبير على المستوى السياسي، وما من ضغطٍ سني في مجلس النواب في ظل تماسك شيعي قوي وتضامن للكتل المسيحية في الكثير من القضايا المفصلية، وهذا يعود الى غياب المرجعية السياسية كالحريري وحتى الآن لم يوجِد السنّة مرجعية بديلة للحريري ولا ملء فراغ غيابه”.
وفي قراءة للمرحلة السابقة، يذكّر عراجي بأن “الحريري قام بمحاولات عدة منذ دخوله الحياة السياسية في العام 2005 لوضع البلد على السكة الصحيحة لكن الطرف الآخر كان دائماً في الموقع المعرقل بدءا من 7 أيار، ورغم ذلك شكّل حكومة وحدة وطنية في العام 2009 فكانت النتيجة أنهم قاموا بإسقاطها في العام 2011 فيما كان بزيارة رسمية في البيت الأبيض، رغم الاتفاق الذي أُبرم في الدوحة بعدم إسقاط الحكومة، إلا أن حزب الله هو المتحكّم بالبلد”، مضيفاً: “الحريري عاد وقام بربط نزاع تجنباً للاحتقان السني الشيعي في الشارع وعُقدت لقاءات عدة في عين التينة مع حزب الله لمنع الفتنة. وفي العام 2016 وافق على انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية بعد ترشيحه من قبل “القوات” ودعمه من الثنائي الشيعي، واتفق مع التيار الوطني الحر على بنود إصلاحية لم تُنفَّذ لا بل وُضعت له العصي بالدواليب، فاضطر بعد كل هذه المحاولات الى تعليق عمله السياسي”.
لا تبدو طريق العودة للحريري سالكة، لأسبابه الشخصية ربما أو لأسباب أخرى سياسية، ولكن عدم شمول التسوية للحريري هذه المرة في ظل التحولات الكبيرة في المنطقة بعد الاتفاق السعودي الايراني والعودى العربية الى الشام، هل تعني خروجه نهائياً من المشهد السياسي اللبناني؟