نظراً لتفاقم الأوضاع المعيشية وتدني القدرة الشرائية للعملة الوطنية، سبق لمجلس النواب أن أقر بموجب المادة 111 من قانون موازنة العام 2022 بتاريخ 2022/11/15، إضافة راتبين على رواتب وأجور العاملين في القطاع العام بمختلف تسمياتهم الوظيفية المدنية والعسكرية، ثم قرر مجلس الوزراء بتاريخ 2023/4/18 منح تعويضات إضافية مؤقتة وإستثائية لكل من يعمل في القطاع العام ويتقاضى أجراً من المال العام، بحيث أصبحت الرواتب والأجور وفقاً لأنواع الوظائف المدنية أو العسكرية وبالنسبة للأسلاك التي يعملون فيها على الوجه التالي:
أ-بالنسبة للعاملين في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات وإتحادات البلديات .
– إعطاء زيادة توازي أربعة أضعاف الراتب الأساسي تضاف الى الرواتب الثلاثة المقررة بموجب المادة 111 من موازنة العام 2022، وذلك إعتباراً من نهاية شهر أيار للعام 2023.
-تشمل هذه الزيادة أيضاً المتعاقدين والأجراء العاملين في الإدارة العامة الذين هم في الخدمة الفعلية، شرط أن لا يقل راتبهم الشهري عن ثمانية ملايين ليرة لبنانية (8 مليون ليرة) .
ب-بالنسبة للمتقاعدين :
-يعطى المتقاعد في جميع الأسلاك المدنية أو العسكرية ثلاثة أضعاف المعاش التقاعدي، ليصبح مجموع رواتبه الشهرية ستة رواتب، ويحتسب راتب العسكري مع متمماته كاملة.
-يستثنى العسكريون من هذه الزيادة إذا كانوا في الخدمة الفعلية ويستفيدون من أكثر من تعويض أو مساعدة إجتماعية، بحيث يتوجب على العسكري المستفيد منها إبلاغ إدارته عن الإزدواجية في الإستفادة بحيث يستحق المساعدة الأعلى.
-إن جميع هذه التعويضات هي مؤقتة ولا تدخل في أساس الراتب أو في أي تعويض، ويحتسب منها أيضاً محسومات تعاونية موظفي الدولة.
ج-بالنسبة للعاملين في السلك الديبلوماسي
-لقد جرى إستثناء موظفي السلك الديبلوماسي العاملين في البعثات اللبنانية في الخارج من هذه التعويضات الإضافية، وكل من يتقاضى بحكم وظيفته تعويضات بغير الليرة اللبنانية.
د- بالنسبة للمتعاقدين ومقضمي الخدمات الفنية :
-يضاعف بدل الساعة والبدل الشهري المقطوع لمقدمي الخدمات الفنية للإدارة، وكذلك يضاعف بدل ساعة التعليم للمتعاقدين مع الجامعة اللبنانية وفي المعهد الوطني للموسيقى.
-يضاف %50 على بدل الساعة للمتعاقدين في التعليم الأساسي والمتوسط والثانوي والمهني والزراعي والفني الرسمي.
-لا يجوز أن يتجاوز حدود التعويض المؤقت للمستفيد عن 50 مليون ليرة شهرياً .
-يعتمد لإحتساب التعويض للعامل في القطاع العام أساس راتبه في 2020/1/1 بالإضافة الى الدرجات التي إستحقها وفقاً لعدد سنوات الخدمة الفعلية.
ه- تعويض النقل المؤقت وشروط الإستفادة منه
-يشترط للإفادة من هذه التعويضات الإضافية المؤقتة حضور الموظف 14 يوماً على الأقل شهرياً وفقاً للدوام الرسمي، ما لم يكن الغياب مبرراً بصورة رسمية، وعلى الإدارة تقع مسؤولية تنظيم الدوام بما يؤمن إستمرارية عمل المرفق العام دون توقف طوال أيام الأسبوع.
-يساوي تعويض النقل اليومي من أجل الحضور الى العمل 450 ألف ليرة لبنانية عن كل يوم عمل فعلي. كما يعطى أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية هذا التعويض عن 12 يوماً.
في الإستنتاج والتحليل (بالمقارنة مع قيمة الرواتب السابقة بالدولار الأميركي) .
أ-بالنسبة للموظف الدائم في الخدمة الفعلية : لنفترض أن هذا الموظف هو من الفئة الرابعة ويعمل في إحدى الإدارات العامة براتب أساسي قدره 2,800,000 ل.ل (مليونان وثمانماية ألف ليرة لبنانية) حتى 2023/1/1، فهو يستفيد حكماً من مضمون المادة 111 من قانون موازنة العام 2022 بمساعدة إجتماعية بقيمة راتبين إضافيين على راتبه الأساسي، فيكون راتبه مع المساعدة (2,800,000 =3 * 8,400,000 ل.ل). كان يقوم الموظف بتحويل راتبه سابقاً على أساس سعر منصة صيرفة الرسمي المحدد ب 42,500 ل. ل فيكون راتبه بالدولار الأميركي قبل الزيادة الأخيرة كما يلي :$ 197,647 = 42,500/ 8,400,000
أما بعد إضافة التعويضات الجديدة بقيمة أربعة رواتب، فيكون راتبه كما يلي : 19,600,000 ل.ل = 7*2,800,000. وإذا أردنا تحويل الراتب الجديد لهذا الموظف على سعر منصة صيرفة الجديد المحدد ب 90 ألف ليرة لبنانية حالياً فيكون بقيمة:$217,77 = 90,000/ 19,600,000
أي بزيادة قدرها :$20,13= 197,64 – 217,77.
ب- لنفترض أن هذا الموظف نفسه كان قد أحيل على التقاعد من 5 سنوات فيكون راتبه مضروباً بستة أضعاف الراتب الأساسي وليس بسبعة أضعاف وذلك على الشكل التالي : 16,800,000 ل.ل= 6 * 2,800,000
وهذا الراتب يساوي على سعر صيرفة حالياً كما يلي :$186,666= 90,000/16,800,000، أي بخسارة قدرها $ 10,981 وحيث يظهر جلياً أن السبب في هذا التراجع يعود الى رفع سعر منصة الصيرفة الى 90 ألف ليرة.
ج- يخضع العسكريون في الخدمة الفعلية أو المتقاعدون الى ذات المعادلة، وقد يعوض بعض الخسارة ما يسمى بمتممات الراتب لدى العسكريين في الخدمة العسكرية، والتي يستفيد منها العسكريون ذات الرتب العالية بصورة خاصة من دون سواهم.
د- إن تحديد سقف الرواتب الشهرية مع التعويضات الإضافية بما لا يتجاوز الخمسين مليون ليرة شهرياً، يوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن أعلى الرواتب في القطاع العام لن يتجاوز عتبة الستماية دولار أميركي شهرياً في أحسن الأحوال (600 دولار أميركي شهرياً)، كما أن %90 من العاملين في القطاع العام الرسمي لن تتجاوز رواتبهم الثلاثماية دولاراً أميركياً شهرياً في أحسن الأحوال ($300 أميركي) للعاملين في الخدمة الفعلية أو المتقاعدين من مدنيين أو عسكريين.
في الضرائب والرسوم وأعباء المعيشة
لقد فاقت نسبة رفع الضرائب والرسوم خلال الأشهر الأخيرة من العام الحالي 2023 كل حدود التصورات المنطقية، في وطن تدهورت فيه مستويات المعيشة الى أدنى المستويات العالمية فإزدادت تعرفة الكهرباء 15 ضعفاً كما تعرفة الخليوي من 15 الى 25 ضعفاً، وإزدادت تعرفة الإتصالات 10 أضعاف وأسعار الأدوية والأغذية والمحروقات بما لا يقل عن 20 ضعفاً، وإزدادت الرسوم الجمركية أيضاً بحدود العشرة أضعاف. لكن رواتب العاملين في القطاع العام تزداد رقمياً بنسبة 3 أو 4 أضعاف لكنها تراجعت بنسبة لا تقل عن %90 أي أنها تراجعت بنسبة 10 أضعاف على الأقل. فهل يستطيع أحد أن يشرح لنا ما هي فائدة هذه الزيادات الوهمية التي سوف تتبخر قيمتها بعد أقل من شهر أو شهرين على الأكثر وسوف ترتفع نسبة التضخم بما يعادل كلفة القيمة الورقية الإضافية المطبوعة من أجل تمويل هذه الزيادات الوهمية للعاملين في القطاع العام.
فكفى إستهتاراً بحقوق الموظف العام. وبالتالي، لا بد من تحديد سعر صيرفة لموظف القطاع العام يستطيع من خلاله أن يعيش بكرامة وأن يتمكن من القيام بعمله على أكمل وجه.