كتبت إيفانا الخوري في “السياسة”:
يبدو أنّ القرار بإجراء الامتحانات الرسمية قد اتُخذ رغم الظروف الصعبة التي اختبرها التلامذة هذا العام. وقد عُقد اجتماع يوم أمس بحث في المسألة واتخذ قرارات هامّة، إليكم ما دار في الكواليس:
هل تُجرى الامتحانات الرسمية؟ كيف؟ ومتى؟ ووفقًا لأي منطق؟
الواقع يقول إنّ إجراء امتحانات صفوف الشهادات كارثة كما أنّ اعتماد أسلوب الترفيع كارثة أخرى، باختصار أدخلت الحكومة الحالية قطاع التعليم في أزمة لا مثيل لها بعدما أنهك الإضراب القطاع العام وجعل مِن التلامذة رهائن لم تتعلّم إلّا القليل.
هذا العام تكرّس مبدأ غير إنساني ومجافٍ للحقوق البديهية لأي إنسان، حيث أضحى التعليم رفاهية يحظى بها الأغنياء فقط.
وفقًا لمعلومات “السياسة” فإنّ امتحانات الشهادات الثانوية قد حُسم القرار بإجرائها أمّا صفوف الشهادة المتوسطة فإنّ احتمال “تطييرها” مرجح سيما وأنّ كلفتها كبيرة.
تاريخ بدء الامتحانات بحسب ما سُرّب عن اجتماع الأمس الذي لم يحضره وزير التربية عباس حلبي لأسباب خاصة، هو أوائل شهر تموز في تأخير لم يعهده لبنان كثيرًا. فيما على ما يبدو ما زال أمام المدارس الرسمية ٢٥ يومًا لإنهاء منهجها وهي مدّة لا تكفي أساسًا وسيتحمل التلميذ وحده الضغط الناجم عن ذلك، إن تأملنا خيرًا وافترضنا أنّ الأساتذة الذين يلتزمون الإضراب قد قرروا فكّه من دون الحصول على أدنى حقوقهم.
“السياسة” حضرت في كواليس اجتماع وزارة التربية الذي تمّ الاتفاق فيه على ضرورة الاستغناء عن المواد الاختيارية هذا العام وخلال عرض المدارس الخاصة لما أنجزته من المنهج كانت المفاجأة أنّ النسبة ضئيلة جدًا مقارنة بما كان يحصل في السنوات السابقة رغم أنّ فترة الإضراب في الخاصة لم تكن طويلة.
وقد تمّ الاتفاق على أن يُلخص المنهج المطلوب للامتحانات الرسمية شرط أن يكون الإعلان عن ما هو مطلوب سريعًا. ليُطرح السؤال التالي بناء على هذا القرار: هل من المنطقي أن يُجري التلامذة امتحانهم بناءً على ربع المنهج؟ وأي مستوى للشهادات الرسمية عندها؟
الحال أنّ أهالي تلامذة الرسمي يرفضون إجراء هذه الشهادة لأنّ أبناءهم لم يتعلموا وفي المقابل يطالب بها أهالي الخاص لأنهم دفعوا المال مقابل هذه السنة الدراسية، الأمر الذي يُعقّد المسألة أكثر. وأمام هذا الوضع الحرج في المدارس الرسمية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ كلّ الوعود التي تلقاها الأساتذة للعودة عن إضرابهم بقيت وعودًا من دون أن تتحول إلى خطوات حقيقية لأنّ الدولة مفلسة أصلًا ولا قدرة لها على التحرك غير أنّ الجهات المسؤولة لم تُصارح الأساتذة بذلك ومشت في استراتيجية أدّت في نهاية الأمر إلى تدمير القطاع رغم أنّ الأزمة الكبرى سيلمسها الجميع في العام الدراسي المقبل.
وبالعودة إلى المقررات، فقد طالبت المدارس الخاصة بأن لا يُعتمد الترفيع التلقائي في الشهادة المتوسطة بل الاتكال على العلامات المدرسية. فهل سيسمح ذلك للطلاب الذين لم ينجحوا بأن يقطعوا صفوفهم إذا دفعوا؟ سؤال طرحته مصادر مواكبة للاجتماع.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الاجتماع عُقد أمس بإدارة المدير العام للتربية عماد الاشقر، وقد حضره رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء هيام إسحق ومنسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر وأعضاء الاتحاد.
واللّافت أنّ رغم الأزمة الشديدة التي تُعرّض حق التلامذة بالتعلّم لهزّات شديدة فإنّ الزلزال الكبير موعده العام المقبل حيث بدأت المدارس الخاصة تُعلن التغييرات التي ستطرأ على أقساطها وستعود الأرقام لتكون كبيرة وبالدولار الفريش في قسم كبير منها، ما يعني تسجيل نزوح عكسي هذه المرّة أي من المدارس الخاصة باتجاه الرسمية. ولكن إلى أي مدارس؟ ففي هذه الظروف لن يكون القطاع الرسمي قادرًا على الاستمرار ما يعني أنّ نسبة التسرب من المدارس سترتفع أكثر في ظلّ عالم يعتمد على العلم في كلّ مجالاته.