بينما الحركة السياسية عموما والرئاسية خصوصا شبه معدومة، ووسط غياب اي علاج فعلي للواقع المأساوي، فيما التفكيك الممنهج للدولة وتحللها، جار على قدم وساق، دون من يسأل او يسعى من اهل المنظومة المنخرطين في حروبهم العبثية ونكاياتهم ومناكفاتهم السياسية، تشهد بيروت حركة دبلوماسية غير معتادة، لم تسمح المعطيات بتفكيك كافة خيوطها حتى الساعة.
فيوما بعد يوم يتضح عمق عدم بلوغ القيادات اللبنانية سن الرشد السياسي، رغم مفاخر ثورات التحرر، على اشكالها والوانها، اذ بين تعويل على مؤتمر من هنا، وانتظار مقررات قمة من هناك، وبين اتفاق زعيمين اقليميين، او حل ملفات دولية، تنتظر الاستحقاق المحلية ايا كان عيارها كلمة السر الخارجية، ليقتصر دور الاطراف الداخلية، على ملء الفراغ بسجالاتهم وتهيئة ارضية الحلول، والبصم على التسويات متى دقت ساعتها.
فكما كان الرهان زمن الانتخابات النيابية على عصا العقوبات لانجازها، يبدو ان الاستحقاق الرئاسي على نفس الطريق يدور، بعدما استوى الوضع وما عاد يحتمل اي تسويف او تاجيل، مع استنفاد كل ادوات تعطيل الانفجار بانواعه كافة، واذا كان اجتماع باريس قد استنزف مخزون السيناريوهات والافلام التي نسجت حوله، فان الزلزال الذي ضرب في السادس من شباط سوريا، قد ترك تردداته، ليس فقط هزات ارضية متتالية، بل ارتجاجات سياسية، على خلفية الانفتاح الدولي والعربي المستجد على دمشق، تحت حجة المساعدة الانسانية، حيث حط وزراء عرب في مطار دمشق على ايقاع الصواريخ الاسرائيلية، فيما زار لاول مرة منذ سنوات الرئيس بشار الاسد سلطنة عمان، في كسر للحصار بعد زيارة الامارات، تمهيدا للمشاركة في القمة العربية في الرياض، اذا ما سارت الامور على ما هو مخطط لها.
في هذا الاطار تكشف مصادر دبلوماسية ان زيارة مسقط جاءت بعدما قطعت المفاوضات العربية السورية وتحديدا الخليجية، شوطا كبيرا، مشيرة الى ان زيارة السلطان ما كانت لتتم لولا قبة باط ولي العهد، حيث يحكى عن ان بنود الاتفاق بالخطوط العريضة قد انجزت، الا ان خلافات في وجهات النظر حول اولويات البنود لا تزال تحول دون زيارة الرياض.
وتتابع المصادر بان زيارة وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان الاخيرة الى بيروت ودمشق كانت واضحة، حيث ابلغ المعنيين دون اي لبس ان الملف الرئاسي اللبناني مربوط تحديدا بكل من الرئيس بشار الاسد والسيد حسن نصرالله شخصيا،صاحبي القرار عن المحور.
من هنا ترى المصادر، ان ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، مفصول عن التسوية في المنطقة، اذ ان نهاية الشغور هي ورقة حسن نية سيقدمها الاطراف، مستبعدة انطلاقا من ذلك ان تكون مربوطة بموضوع اليمن كما يسوق كثيرون.
وحول الحوار الايراني-السعودي، اكدت المصادر حصول تقدم كبير في المفاوضات، بعدما تم الاتفاق على اجندة التفاوض واولوياتها، عزز وجهة النظر تلك، تحييد امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في اطلالته الاخيرة المملكة من هجومه، وترحيبه باي تسوية ايرانية – سعودية، في نفس الوقت الذي دعا فيه الى عدم التعويل على اي اتفاق اميركي-ايراني للحلحلة في لبنان.
وختمت المصادر بان الايام القادمة ستحمل معها مفاجئة سعودية “حرزانة” ستكون لها تداعياتها على الوضع العام في البلد، في وقت جزم فيه سفير دولة كبرى امام مجموعة من ضيوفه بان الانتخابات واقعة قبل نهاية الشهر، كاشفة عن زيارة غير معلنة لمسؤول خليجي الى بيروت والذي زار احدى المقرات الرئاسية ناقلا رسالة على درجة كبيرة من الاهمية، فيما كان خط “امني” جديد يفتح بين الرياض والثنائي الشيعي، بدا واضحا ان ثماره بدات بالظهور سريعا.