كتب كتب بلال قشمر في الاخبار
لا تزال ارتدادات الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا منذ أسبوعين تسيطر على لبنان، على إثر تعرّضه لعدّة هزات خفيفة أبقت المواطن في حالة من تأهب، يسيطر عليه الخوف والقلق من وقوع حدث طبيعي يعيد المشهد التركي والسّوري على أرض لبنان، وأضحى المواطن اللبناني يترصّد أيّ تغيير، متوقّعاً كلّ شيء.
منذ يومين، غزت وسائل التواصل الاجتماعي أخبار انحسار مياه البحر المتوسط، وتراجعها عن الشاطئ اللبناني مسافة تجاوزت 15 متراً في بعض المناطق. ظاهرة لم يعتد عليها اللبنانيون، فحركة المدّ والجزر في بلادنا «لا يتجاوز مداها السنتمترات» وفق مصلحة الأرصاد الجوية، ما أعاد إلى أذهان البعض صور تراجع مياه المحيط الهندي قبل وصول موجات التسونامي عام 2004، بالإضافة إلى بعض التحليلات غير المسؤولة، وما واكبها من ضخٍّ للأخبار المضلّلة، التي تحذّر من وقوع تسونامي، بل و«تتوقع وصول الأمواج خلال ساعات». وفي المدن والقرى الساحلية القريبة من الشاطئ، حيث لاحظ السّكان تراجع المياه بنسب متفاوتة بين منطقة وأخرى زاد منسوب الخوف المسيطر أصلاً جرّاء أخبار الزلازل والهزّات الأرضية في تركيا وسوريا.
مراقبة الأمواج
ولكنّ ظاهرة التسونامي، أو موجات المدّ الكبيرة «بعيدة جداً عن شواطئنا في الوقت الحالي»، بحسب مختصّين، يؤكّدون أنّ ظاهرة التسونامي «لا تتشكّل إلّا لحظة تحرّك الفوالق الواقعة في أعماق سحيقة داخل البحر، لا بعد أسابيع من زلزال ما». أما المناطق الأخطر لحدوثها، فـ«حيث تندسّ الصفائح (تتداخل)، وتنزلق صفيحة تحت الأخرى، بطريقة ترفع جداراً مائياً ضخماً، وتدفعه صوب الشواطئ»، وبسبب صغر حجم البحر المتوسط نسبةً إلى المحيطات، فأيّ موجات مدّ كبيرة ستصل إلى شواطئ الدول المحيطة به خلال وقت قصير لا يتعدّى السّاعات، وما يزيد في الاطمئنان وجود محطات رصد للأمواج في هذه الدول، وتتواصل مع بعضها لإطلاق التحذيرات.
ظاهرة طبيعية
ولكنّ أخبار انحسار المياه وتراجعها في البحر المتوسط لا تقتصر على لبنان فقط، بل تمتد لتشمل كلّ أحواض المتوسط، حيث يتساءل مواطنو هذه الدّول أيضاً عن الأسباب خلف الظاهرة، التي تعود لعدّة عوامل طبيعية أبرزها «أنّ البحر المتوسط يُعتبر نصف مغلق، ولا يوجد له سوى منفذ طبيعي واحد، وهو مضيق جبل طارق، الذي يشكل شرياناً رئيسياً لدخول التيارات المائية وخروجها منه وإليه» بحسب الدكتور علي بدر الدين الباحث في علوم البحار ومدير محمية شاطئ صور الطبيعية، الذي يشير إلى «أنّ كميّة المياه التي خرجت من المتوسط في اليومين الأخيرين كانت أكثر من الداخلة إليه بحسب التوقّعات»، بالإضافة إلى «اعتماد المتوسط على روافده من مياه الأنهار ومجاري الأودية في فصل الشتاء، ما يؤدي إلى تراجع مياه البحر في هذه الأوقات من السّنة خلال شهرَي شباط وآذار، وهي ظاهرة طبيعية، ولكنّها كانت أكثر فعالية هذه السّنة»، ويختم بدر الدين بـ«توقع عودة الوضع إلى ما كان عليه تدريجياً خلال مدّة وجيزة لا تتجاوز العشرة أيام، رغم استثنائيته».