مرة إضافية، يكسرُ سعر الدولار في السّوق الموازية رقماً قياسياً جديداً، ليُناهز، أمس الإثنين، الـ70 ألف ليرة لبنانية. هنا، المسار التصاعديّ للدولار لم يكن مستعبداً، إلا أنّ القفزة السريعة التي حصلت وتحديداً بعد حملة توقيف المضاربين، طرحت تساؤلاتٍ فعلية عن حقيقة ما يجري في سوق الصّرف.
في الوقت الرّاهن، ما يتبين هو أنّ مصرف لبنان دأبَ خلال الآونة الأخيرة على “زيادة” تدخله في السوق عبر شراء الدولار، وقد كشفت معطيات على أكثر من صعيد أنّ البنك المركزي سلّم الشركات التي تجمعُ الدولار له كميات من الليرة بغية جمع العملة الصعبة من السّوق. ووسط ذلك، فقد تبين أنّ “صغار التجار” الذين استغلوا “دفة التسعير” حالياً، باتوا الأكثر تحكماً بالسوق مقارنة بالفترات السابقة، في حين أن الصرافين الشرعيين ما زالوا يلتزمون الحذر في التعامل مع الكارتيلات الكبرى. حتماً، كل ذلك يؤدي إلى “شتاتٍ” في السوق، ورقم الـ70 ألف ليرة الذي جرى تسجيله، أمس الإثنين، يكشفُ عن معضلة كبيرة تشهدها مداولات البيع والشراء، باعتبار أن الصرافين يشكون “نُدرة المعروض”، فيما تكشف مصادر ناشطة في سوق الدولار لـ
“لبنان24” أنّ “طلب أي مبلغ من الدولار تجري تلبيته بشكل صعب من قبل صرافين وجهات عديدة”، ما يعني أنّ هناك ضغوطاً تجري بشكل هائل، الأمر الذي يعزز المضاربات الداخليّة من دون وجود شخصيات معروفة تمارس ذلك فعلياً في السوق.
ما علاقة المصارف بمشهد صعود الدولار؟
حالياً، فإنّ “الفوضى” التي تشهدها أسعار الدولار ترتبطُ بإضراب المصارف الذي يزيدُ من الطين بلّة وسط استمراره. ففي حين أنَّ الكثير من التّجار يعتمدون حالياً على شراء العملة الصعبة من المصارف لتمويل الإستيراد، رغم الإضراب القائم، فقد تبين أن هناك ثلة أخرى من التجار تعتمدُ بشكل كبيرٍ على شراء الدولار من السوق الموازية بمعزلٍ عن المصارف، الأمر الذي زاد الضغط على الأسعار. هنا، الأمرُ هذا تحدثت عنه مصادر ماليّة بشكل وثيق، مؤكدة أنّ “الإستيراد ما زال على حاله رغم إضراب المصارف، وبالتالي فإنّ الطلب على الدولار ما زال مستمراً حتى الآن سواء من المؤسسات المصرفية أو من السوق”. مع هذا، حذرت المصادر من أن سعر الدولار قد يشهدُ قفزة إضافيّة في حال امتنعت المصارف حقاً خلال الأيام المقبلة ضمن الإضراب، عن تمويل التجار، فالأمرُ هذا يعني اتجاه الجميع بشكل كبير نحو السوق الموازية، وعندها ستُصبح الأمور أكثر سوءاً.
“خميسٌ” ساخن؟
ورغم أنّ الإتصالات مستمرة مع المصارف لـ”فك إضرابها”، تزايدت المعطيات المرتبطة بإمكانية حصولِ أحداث أمنيّة باتجاه المصارف، وتحديداً في حالِ عمدت الأخيرة إلى وقف العمل بالصرافات الآلية، ما يعني “شللاً تاماً” للقطاع. هنا، وإزاء هذا الأمر، فقد وصلت إلى المرجعيات المصرفية تحذيرات من مغبة المضي بهذا الأمر الذي لم يحصل بعد، في حين بدأت أطراف عديدة تتحدّثُ عن إمكانية حصول تخريب لصرافات آليّة أو لمصارف في حال جرى وقف كل العمليات المالية.
ووفقاً لمعلومات “لبنان24″، فإنّ بعض الجهات الفاعلة في أوساط المودعين لوّحت بإمكانية التحرّك فعلياً في الميدان في حال استمرت المصارف بإقفال أبوبها بوجه الزبائن، مع العلم أن هناك موظفين يعملون داخل المؤسسات المصرفية يومياً، والدليل على ذلك منح المستوردين الدولارات اللازمة وتأمين عمليات “صيرفة” لرواتب القطاع العام إلى جانب عمل الصرافات الآلية.
وفي السياق، أعلنت جمعية صرخة المودعين، ليل الإثنين، عن تحضيرها لتحرك يوم الخميس المقبل في بيروت تحت شعار “يوم غضب المودعين ضد المصارف”. وبحسب المعلومات، فإنّه من الممكن أن تبادر مجموعات من المودعين خلال الأيام القليلة المقبلة إلى فتح أبواب المصارف بالقوة أو إبقاء المداخل الخاصة بالفروع المصرفية مقفلة، وبالتالي احتجاز الموظفين الذين يعملون في مكاتبهم الخاصة داخلها.
إذاً، ووسط ما يجري، فإنّ المشهد قاتمٌ جداً، وحالياً لا يمكن لأي جهةٍ استشراف ما قد يحصل، لاسيما أنّ التأثيرات المتراكمة لإضراب المصارف بدأت تظهرُ تباعاً على مختلف الأصعدة، سواء تلك المرتبطة بالدولار أو غيرها.. فهل ستنشأ التوترات؟