عام 2022 في لبنان كان حافلا بأحداث سياسية واقتصادية عديدة، وأرخى بثقله على كاهل العاملين والموظفين في القطاعين العام والخاص مع تقلبات سعر صرف الدولار الذي وصل في نهاية الشهر الأخير من السنة إلى عتبة الـ 48 ألف ليرة وارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات كافة وتدهور القدرة الشرائية، فالموظف والعامل اللبناني يُكافح لتأمين الحد الأدنى من مقومات العيش له ولعائلته في ظل وضع مالي واقتصادي صعب.
ولا بد من التذكير ان سنة 2022 شهدت زيادات حصل عليها الموظّفون في القطاع الخاص، ومُساعدات اجتماعية خصصت لموظفي القطاع العام. فقد أقرت لجنة المؤشر في الـ 2022 زيادة 600 ألف ليرة على رواتب موظفي القطاع الخاص يُصرّح بها للضمان الاجتماعي، كما أقرت رفع بدل النقل اليومي إلى 95 ألف ليرة.
كما أصدر وزير المال يوسف الخليل قرارا قضى بإعطاء الزيادة المنصوص عليها في قانون موازنة 2022 للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين. فماذا ينتظر عمال لبنان في عام 2023؟ وأين أصبحت المُحادثات بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي واجتماعات لجنة المؤشر؟
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر كشف عبر “لبنان 24” عن اجتماع للجنة المؤشر سيُعقد خلال الأسبوع الجاري نتيجة مشاورات أجريت مع وزير العمل مصطفى بيرم، مشيراً إلى “تذليل عقبات عديدة كانت طرأت في الفترة الأخيرة في المحادثات مع الهيئات الاقتصادية”.
ولفت الأسمر إلى انه تم الاتفاق مع الهيئات الاقتصادية على 5 مبادئ تشكّل سلّة متكاملة طرحها سابقا الاتحاد العمالي تتضمن غلاء المعيشة، بدل النقل، التعويضات العائلية، المنح المدرسية، وتحويل تعويض نهاية الخدمة إلى معاش تقاعدي بموجب المادة 54 من قانون الضمان وهي خطوة اختيارية، موضحاً ان “هذه السلة توازي تقريباً الـ 10 ملايين ليرة”.
وقال الأسمر: “طبعا هذا المبلغ لن يكون كافيا ومرضيا للعمال مع تقلبات سعر صرف الدولار، الا انه بمثابة خطوة أولى على ان تُستكمل بخطوات لاحقة”. وأكد رئيس الاتحاد العمالي ان “المفاوضات ستُستأنف في الأسبوع الأول من السنة الجديدة وان عملية المعالجة غير نهائية بل هي مرحلية بهدف استيعاب وضع السوق والوضع المالي المتسارع”.
لقاء إيجابي مع ميقاتي وعن لقائه الأخير برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قال الأسمر: “نحن وضعنا الرئيس ميقاتي في جو اللقاءات مع الهيئات الاقتصادية وسجلنا بعض الاعتراضات على المواد 26 و33 و35 من قانون الموازنة والمتعلقة بالإجراءات الضريبية واعتبرنا انها مُجحفة بحق الموظفين والعمال الذين يتقاضون جزئيا او كليا رواتبهم بالدولار خاصة وانها كانت مرتبطة في مرحلة من المراحل بسعر صيرفة، والآن أصبح سعر صيرفة 38 الف ليرة ما أدى إلى خسارة الموظفين بالقطاعين العام والخاص نحو ثلث رواتبهم، وطالبنا بفتح باب الحوار مع المعنيين لكي يأتي الواقع الضريبي متوازنا وعادلا”.
وأضاف: “قدمنا إلى الرئيس ميقاتي مذكرة خطية طلبنا فيها تخفيض قيمة الدولار المعتمد وان يتم احتسابه على 1500 ليرة عن العام 2022 بالنسبة للضريبة على الموظفين، والا يكون هناك أي مفعول رجعي، لأن المواطن غير مسؤول عن درس أو إقرار الموازنة كي يُحاسب على مفعول رجعي، كما طلبنا رفع “التخفيض او التنزيل العائلي” إلى 240 مليون ليرة سنويا أي 5000 دولار”.
ولفت الأسمر إلى ان “الرئيس ميقاتي كان متجاوبا واتصل بوزير المالية يوسف خليل ومدير عام “المالية” جورج معراوي”، وتابع: “نحن كنا التقينا سابقا بوزير المالية وأبلغناه بالمذكرة نفسها وطالبناه بالعودة إلى دراسة الواقع الضريبي وبأن يُصرّح عن كل المعاشات في القطاعين العام والخاص للضمان الاجتماعي حتى يحظى الموظف بتعويض عادل”.
وأشار إلى ان “وزير المالية اقترح علينا انتظار موازنة 2023 أو إصدار قانون معجل مكرر بالنسبة لهذه الأمور ونحن درسنا هذا الموضوع مع الرئيس ميقاتي“. وتحدث الأسمر عن استحالة رفع الحد الأدنى للأجور إلى 20 مليون ليرة الذي طرحه سابقاً الاتحاد العمالي، وقال: “ننظر بموضوعية لحال البلد ففي حال إقرار هذا المبلغ سيكون هناك حالة تضخم كبيرة كما ان جزءا من المؤسسات لن يكون قادرا على الإيفاء بالتزاماته تجاه العاملين لذلك تم التركيز على سلة متكاملة قد تصل إلى حدود 10 ملايين ليرة، وهي درست بتأنٍ مع الهيئات الاقتصادية وأنجزنا جزءا كبيرا من هذا الاتفاق وسيُعلن عنه قريبا ضمن لجنة المؤشر”.
وأعلن الأسمر ان “تعرفة الاستشفاء للمضمونين سترتفع إلى حدود الـ 60 بالمئة”، كاشفا عن اجتماع سيُعقد مع الرئيس ميقاتي في الأسبوع الأول من السنة الجديدة بحضور الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ومسؤولي الصناديق الضامنة لتخفيف وطأة الأدوية “البراند” والاعتماد على “الجنريك” اللبناني لأن الأدوية المستوردة خاضعة للابتزاز والسوق السوداء”.
وختم الأسمر قائلاً: “نحن كاتحاد عمالي حركة عمل دائمة ومهمتنا ان نعترض وان نرفع صوت العمال، والسنة الجديدة ستكون حافلة بالعمل ونأمل ان يترافق تحركنا مع استقرار نقدي”.
إذا من المتوقع ان تشهد سنة 2023 زيادات جديدة على الرواتب على أمل ان تحمل معها انفراجات سياسية واقتصادية ينتظرها اللبنانيون لتخفف عنهم أعباء السنوات الماضية.