تبقى قضية ملف الدوائر العقارية تحت المجهر في ظل استمرار التحقيقات، والتي لم ترقَ حتى اليوم الى مستوى المس بالرؤوس الكبيرة واقتصرت على الإمساك بالأطرف “التي لا تسمّن ولا تسد جوعا”، مما يستدعي السؤال لماذا الاستنسابية بالتحقيق مع أشخاص لا سند لهم فيما تُرك “الصيد” الدسم لأن “السند” حاضر دائماً للدعم بحكم أن الأخير يساعده في تسيير أموره في تلك الدوائر.
وكانت جرت الاسبوع الماضي توقيفات في دائرة بعبدا العقارية ومن بين الموقوفين أمين سجل عقاري في بعبدا نايفة شبو، إلا أن ما يمكن التوقف عنده في محضر التحقيق الذي أجرته شعبة المعلومات مع الاخيرة وبالتفاصيل الدقيقة أن حجم الرشاوي التي اتهمت بتقاضيها، بغض النظر عن حقيقة ذلك من عدمه، يصيب القارئ بالدهشة فالمبالغ وفق افادات الشهود والموقوفين من معقبي معاملات وموظفين كانت تتراوح مرات بين 400 ألف ليرة و3 مليون وكحد اقصى بين 800 الف ليرة و15 مليونا.
لا تبرير للرشوة وإن تم ملاحقتها بغير جرم الرشوة أي الإثراء غير المشروع في محاولة للتحايل على القانون بما ان الجهة الملاحقة لها لا تملك ملفاً حول الاثراء غير المشروع بحقها، تجنباً لطلب إذن الملاحقة بحقها الأمر الذي تحفظت عليه في نهاية التحقيق معها.
فالمبالغ التي صرفت على التحقيقات وإفراغ داتا الإتصالات الخاصة بها، تفوق بكثير ما ورد من مبالغ تقاضتها كرشوة في التحقيق معها.
ملاحقة أي مرتشي واجب الدولة لكن على مقربة من بعبدا هناك في الشوف جرت “خطة محبوكة” نقل بموجبها 306 عقارات باسم تيمور جنبلاط من والده بطرفة عين وفي ظل اقفال للدوائر العقارية، ولم تتحرك الأجهزة إن لجهة افراغ داتا الاتصالات او لجهة إصدار مذكرة إحضار بحق أمين السجل العقاري في الشوف هشام طربيه الذي سهّل نقل هذه العقارات استباقاً لرفع الرسوم، لا بل رفض الحضور أمام المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون طالباً استدعاءه عبر التسلسل الاداري، ولم تصدر حتى الساعة مذكرة إحضار بحقه، فهل المظلة الجنبلاطية تقيه رزاز الملاحقات القضائية؟
اذا كان القضاة اقوياء على الضعفاء وضعاف أمام الاقوياء فعلى القضاء السلام وبالتالي على البلد السلام لأن صحة البلاد من صحة قضائه، والا فلا لزوم لوجوده ومن الافضل للقضاة الاستمرار بإعتكافهم ولكن بدون استنسابية القضايا.