لا مبالغة بالقول انّ غالبية الدوائر العقارية “محتلة” من قبل السماسرة، وهو توصيف يصدر عن لسان كل من يزور دائرة عقارية بهدف إتمام معاملة ما، وعلى لسان مدراء وموظفين يعانون ايضاً من فساد بعض السماسرة الذين تورطوا في شبهات استدعت توقيف عدد منهم قبل أيام، وتُستكمل ملاحقة آخرين بعدما فتح ملف الدوائر العقارية على مصراعيه على غرار ملف مصلحة تسجيل المركبات والآليات. وليس فقط السماسرة، إذ تؤكد مصادر متابعة لـ
“لبنان24” انّه جرى توقيف أحد كبار الموظفين الذي يُعد “كنزا” ثميناً على حد قول المصدر، من المتوقع ان يسحب وراءه معظم الأسماء الأخرى المتورطة في ملفات فساد.
وبالتالي يصبح عدد الأشخاص الذين جرى توقيفهم على قيد التحقيق 6، اخلي سبيل 2 منهم وتُستكمل التحقيقات. وبحسب معلومات خاصة لـ”لبنان24″، فإنّ أحد كبار الموظفين والذي يعد على رأس لائحة المطلوبين للتحقيق في دائرة بعبدا العقارية، هو اليوم متوارٍ عن الأنظار، بعد تورطه في ملف تهريب ضريبي وتسجيل عقارات لأحد أهم كبار السياسيين في البلد.
فماذا يحصل في الدائرة العقارية في بعبدا؟ للأزمة في بعبدا أوجه عدة، بداية من تراكم المعاملات غير المنجزة، مرورا بالاعتكاف القضائي، وصولاً الى زحمة انجاز المعاملات القديمة والجديدة قبل العمل بالأسعار المتوقعة الجديدة مع العام 2023، وهي النقطة الأخطر التي دفعت الى المطالبة بمزيد من الرشاوى، وخصوصا لتسريع المعاملات او افراز الأبنية الجديدة إضافة الى معاملات أخرى كثيرة.
توقيفات
وبحسب المعلومات فانّ ملفات “العقارية” أصبحت اليوم بيد مدعي عام التمييز وملف اخر تحت اشراف محامي عامي استئنافي في جبل لبنان خاص بتوقيف السماسرة والمعاملات. وتشهد دائرة بعبدا ولغاية أوقات متأخرة من المساء تواجدا أمنيا بلباس عسكري ومدني لاستكمال تنفيذ التوقيفات، وذلك نتيجة للصرخة الكبيرة التي صدرت مؤخراً عن بعض المحامين والمواطنين الذين وجدوا أنفسهم في مصيدة السماسرة في العقارية، والأخطر من ذلك هو وجود سماسرة غير لبنانيين.
وتفيد المعلومات انّ التحقيقات تسير بدرجة عالية، ولكن أحد لا يعلم ما اذا كان ملف “تصفيات حسابات” على غرار الكثير من الملفات التي تُفتخ ويُصار بعدها الى اغلاقها “بسحر ساحر”، بعد توقيف موظف او اثنين، أو انّ العدالة ستأخذ مجراها هذه المرة في دائرة دفع فيها مواطنون كُثر اثماناُ كبيرة وتعرضوا فيها الى ابتزاز كبير.
مفعول رجعي
وبحسب المصدر فانّه يتوقع المزيد من التوقيفات في الأيام المقبلة تطال كبار الموظفين والسماسرة. وفي هذه الحالة يمكن ربط هذه “الضجة” في العقارية وجملة التوقيفات التي تحصل بالفورة الحاصلة على مستوى انجاز المعاملات قبل نهاية السنة للتهرب من الزيادات الواردة في الموازنة، علماً انّ الموازنة أتت بمفعول رجعي على كل العقود المسجلة برقم يومي من تاريخ 15- 12- 2021 ولغاية 15 – 12- 2022.
اضراب
وتؤكد مصادر من داخل العقارية في بعبدا انّ بعض الموظفين نفذوا اضراباً عن العمل اعتراضاً على التوقيفات التي لحقت بزملائهم على اعتبار انها “توقيفات تعسفية”.
وتزداد عملية الرشاوى والابتزاز في مؤسسات تعج بالفساد، يقع ضحيتها المواطنون أولا وأخيرا لتسريع معاملاتهم وخصوصاً في دوائر المالية والمساحة والتنظيم المدنيّ. والى جانب المشاكل الجديدة، فانّ دائرة بعبدا العقارية تشهد منذ السابق على فوضى كبيرة وخصوصاً لناحية البطء في تسيير المعاملات وتراكم البعض منها لأشهر وسنوات، ما يفتح المجال اكثر للسماسرة للعب ضمن هذا الفضاء الواسع من الإخفاقات الإدارية، فهل يُستكمل الملف الى النهاية؟