في الوقت الذي كان يستبشر فيه العمال والموظفون في القطاع الخاص بزيادة متوقعة على رواتبهم قبل نهاية العام الحالي، طرأ تطور مُفاجئ بالمحادثات التي كانت قائمة على قدم وساق للبحث بالموضوع بين الاتحاد العمال العام والهيئات الاقتصادية وبرعاية وزارة العمل وذلك من خلال اجتماعات لجنة المؤشر، فاجتماع اللجنة الذي كان مقررا غدا الأربعاء تم تأجيله والسبب هو ان ما عُرض على الاتحاد لا يتناسب مع غلاء المعيشة وارتفاع سعر الدولار.
وعُلم ان الهيئات الاقتصادية رفضت رقم الـ 20 مليون ليرة كحد أدنى للأجور كما تمّ اقتراح مبلغ 10 ملايين ليرة كراتب إلّا أن هذا الطرح لم يلقَ جوابًا أيضاً. فما مصير اجتماعات لجنة المؤشر وماذا عن “العيدية” التي كان ينتظرها عمال وموظفو القطاع الخاص قبل نهاية هذا العام بالنسبة لزيادة الرواتب؟
تأجيل اجتماع لجنة المؤشر
في هذا الإطار يقول رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر لـ”لبنان 24″: “من المفترض عندما نلتقي في اجتماع لجنة المؤشر وجود حد أدنى من التوافق بين المجتمعين لكي لا ندخل في سلسلة حوارات ولقاءات عقيمة لا تعطي أي نتيجة لأن الناس ملت من هذه الاجتماعات وتريد نتائج ملموسة”.
وتابع الأسمر موضحاً: “منذ فترة باشرنا الحوار كاتحاد عمالي مع رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير واعتبرنا ان الأمور تسير بالإطار الصحيح وكان الحوار يتركز على سلّة متكاملة تشمل زيادة غلاء المعيشة وزيادة بدل النقل والمنح المدرسية والتعويضات العائلية وتحويل تعويض نهاية الخدمة إلى معاش تقاعدي وكانت الأمور تسير بشكل جيد وتطرقنا إلى أرقام “مقبولة” لأن أي رقم سيُعطى للموظف او العامل حتى ولو تم اعتماد الـ 20 مليون ليرة سيبقى غير مرضٍ له في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة وفي ظل الارتفاع التصاعدي للدولار”.
ولفت إلى ان “الحوار استمر بين الاتحاد العمالي ورئيس الهيئات الاقتصادية وتبادلنا الزيارات ولم نتوصل إلى اتفاق بل إلى تقارب في موضوع بدل النقل والتعويضات العائلية التي باشرنا فيها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصوتنا على مضاعفتها 3 مرات وحصل شبه توافق على زيادة المنح المدرسية لكن لم يحصل أي اتفاق فعلي وكان هناك نقاشات حول الرقم الذي سيعتمد بالنسبة لغلاء المعيشة وعلى تحويل تعويض نهاية الخدمة إلى معاش تقاعدي وهذه النقطة تحديداً مهمة جدا بالنسبة لنا كاتحاد عمالي لأن التعويض لم يعد يساوي شيئا للأجير وسمينا كل هذه الأمور بالسلة المتكاملة ولكننا فوجئنا في الأسبوعين الأخيرين ان بعض فئات الهيئات الاقتصادية غير موافقة على هذه السلة وان طرحنا غير مقبول شكلا ومضمونا ،لذلك تم تأجيل اجتماع لجنة المؤشر كي لا تحصل خلافات جديدة وتظهر أكثر فأكثر إلى العلن”.
وشدد رئيس الاتحاد العمالي على وجوب الاستمرار بحوار هادئ لكنه حذر في المقابل قائلاً: “لن نقبل بالفتات، هناك سلة يجب ان تكون متكاملة وفي مقدمتها زيادة غلاء معيشة مقبولة في هذه المرحلة يُصرح عنها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من خلال الاشتراكات وتدخل في تعويضات نهاية الخدمة ودفع مبالغ تسوية لتعزيز وضع الضمان وان نتمكن بفضل هذه الاشتراكات من دفع ما يقارب نسبة 50 او 60 بالمئة كبدل استشفاء وأدوية للعمال”.
وأوضح الأسمر انه “تم تأجيل اجتماع لجنة المؤشر لأن المعطيات حاليا غير إيجابية وبغياب القرار تشاورنا مع وزير العمل مصطفى بيرم وانا اتصلت به وأجرينا مشاورات واتفقنا على ان يطلب الاتحاد العمالي العام تأجيل الاجتماع بانتظار المزيد من المشاورات مع الهيئات الاقتصادية”.
ما علاقة الدولار الجمركي؟
وأعلن الأسمر ان “من بين من أسباب التأجيل أيضا واقع الدولار الجمركي الذي قلب الأمور رأسا على عقب”، وقال: “الدولار الجمركي سيرفع أسعار المواد الأساسية والمستوردة والأولية التي تستخدم في مختلف الصناعات ومن المتوقع ان ترتفع الأسعار بشكل كبير وسنلتقي قريبا وزير الاقتصاد أمين سلام ووزير المال يوسف خليل لكي نعرف أين ستؤدي مسألة الدولار الجمركي بالواقع الاقتصادي والاستفسار أيضا عن مسألة تغيير سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة اعتبارا من الأول من شباط المقبل وذلك تمهيدا لتوحيد سعر الصرف”.
وأضاف: “أمام هذه المعطيات المستجدة والخطيرة التي طرأت لم يعد بإمكاننا ان نقوم باتفاق شكلي بل يجب ان يرقى إلى مستوى هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها العمال ونحن كاتحاد لن نقبل بهذا الواقع ونتطلع إلى مزيد من المشاورات ولكننا قد نلجأ إلى أساليب أخرى لتحصيل حقوقنا”.
وأكد الأسمر ان “الاجتماعات مستمرة ولكن إذا لم نتوصل إلى نتائج مرجوة سنعقد مؤتمرات صحافية لشرح الواقع كما هناك جملة خيارات سنلجأ إليها لتوضيح موقفنا ولإثبات حقوقنا”.
ولا بد من الإشارة إلى صدور قرار عن وزير المال يوسف الخليل قضى بإعطاء الزيادة المنصوص عليها في قانون موازنة 2022 للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين، ويبقى على موظفي القطاع الخاص ان ينتظروا تصاعد الدخان الأبيض من اجتماعات لجنة المؤشر وذلك قبل اعتماد سعر صرف الدولار على 15 ألف وانطلاق العمل بالدولار الجمركي بداية كانون الأول لتخفيف وقع ارتفاع الأسعار المتوقع وتحسين أوضاعهم الاقتصادية لمجاراة المرحلة الاقتصادية المقبلة التي سيشهدها لبنان.