يسجّل الفراغ الرئاسي تداعيات كبيرة على الإقتصاد ويعزّز الفجوة الكبيرة في ميزان المدفوعات، ما ينبِّئ بسيناريو سيّئ ينتظر اللبنانيين في أواخر هذا العام، إن لم يتم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة اختصاصيين تواكب الإصلاحات الإقتصادية والنقدية لإنجاز الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وفي هذا المجال، يقول المستشار المالي ميشال قُزح، ل”ليبانون ديبايت”، إنّ “الفراغ الرئاسي والحكومي يؤثر في المراحل التي يجب أن يمرّ بها الإصلاح المالي والإقتصادي مثل الإتفاق مع صندوق النقد وإقرار الإصلاحات المطلوبة لتشجيع الإستثمارات، لذلك، من المفروض أن يكون عرّاب هذه المرحلة رئيس جمهورية وحكومة إختصاصيين”.فهذا الفراغ ، وفق ما يشرح قزح، سيجعل من الإقتصاد متروكاً لوحده مع إتجاهٍ لـ”الدولرة” وصل إلى 90%، وهذه “الدولرة” مؤذية لأنها تُخفّض من الطلب على الليرة”.
ويربط الوضع الحالي بموضوع الكهرباء، التي يبدو “أنّها على طريق التحسّن من دون شك، ممّا قد يعيد الروح إلى القطاع العام، لأنّ العمل في الدوائر الحكومية، معطّل ويتغيّب الموظفون بسبب الكهرباء المفقودة وفقدان المستلزمات الطباعية وغيرها”.
ويؤكد قُزح، أنّ هذا “التحلّل في القطاع العامّ مؤذٍ جداً، مع العلم أنه إذا عاد القطاع العامّ إلى العمل المنتظم، سيعود الطلب على الليرة”، ويورد مثلاً على ذلك، فإذا “عادت الدوائر العقارية إلى العمل سيعود الناس لدفع الرسوم وهذه الرسوم تعني العودة للطلب على الليرة وتراجع الطلب على الدولار، لأنه في حال بقاء الوضع على ما هو عليه اليوم، فإن سعر الدولار قد إلى 50 الفاً.
وبالتطرّق إلى موضوع الكهرباء، وإمكان تأمين مصرف لبنان السلفة المطلوبة بالدولار، يوضح أنّ “معلوماته تشير إلى أنّه منذ شهر قام مصرف لبنان بطبع الليرة وكبّر الكتلة النقدية إلى 70 تريليون ليرة من أجل شراء الدولارات لتمويل شراء الفيول لحساب شركة الكهرباء، بشرط زيادة التعرفة وتحسين الجباية”.
ويقول قُزح إنه “بالنسبة إلى التعرفة، فقد رُفعت، وفتح الإعتمادات سيتم آواخر الشهر الحالي، كما سيتمّ العمل على موضوع استجرار الغاز من مصر، أي أنّ موضوع الكهرباء سينجز قبل آخر السنة”.
وأمّا بالنسبة للجباية، يوضح أنه “من المفترض أن تتحسّن سيما وأنّ الإشتراكات ذهبت باتجاه سعر صيرفة، لكن موضوع الجباية من المخيمات والنازحين والهدر الحاصل على الشبكة الذي يتجاوز اليوم الـ40%، ما زال معلقاً، وفي حال لم يستطيعوا فرض الإصلاحات في ملف الكهرباء، فلن تتجاوز التغذية أكثر من 4 ساعات، وإذا تحسّنت الجباية ستصل إلى 10 أو 12، وهذا مشكوك فيه”.
ويكشف قُزح، أنّ “العجز الكبير في الميزان التجاري، مرحلي لأنّ التجار بادروا إلى زيادة استيراد السلع وتخزينها قبل رفع هذه الرسوم، ما أحدث هذا الخلل، لأن ارتفاع الأسعار، سيخفّض الطلب على السلع المستوردة، ولكن المشكلة تبقى في التهريب، الذي سيرتفع مع الدولار الجمركي، بسبب وجود مرافئ تسهّل هذا الموضوع”.
ويُشير إلى أنّ “انخفاض الدولار واستقرار سعره، مرتبط بالإصلاحات في القطاع العام، لكن الإستقرار لا يعني تراجع السعر لأنه يتطلّب ضخّ دولارات في السوق، وهذا الأمرغير متاح، ويتطلّب اتفاقاً مع صندوق النقد وإصلاحات وحكومة إختصاصيين”.
ويحذّر قزح من “مشكلة قد تنشأ في حال نفدت الدولارات من مصرف لبنان ما سيضطره للعودة إلى شراء الدولار من السوق لتمويل الكهرباء، ما سيرفع سعره والذي قد يصل إلى 50 ألفاً”.ولذا، يرى أنّه “لا بدّ من إعادة هيكلة الإقتصاد عبر خطة إقتصادية تمنع مثلاً إستيراد ما لا لزوم له أو فرض رسوم ب 5 أضعاف على السلع مثل سيارات الـ6 أو 8 سيلندر لتخفيف الإستيراد، لتخفيف الطلب على الدولار، أو فرض رسوم على العمالة الأجنبية التي تؤدي إلى خروج 2 مليار دولار من لبنان، إضافةً إلى اتخاذ إجراءات قاسية للتخفيف من عجز ميزان المدفوعات، لأنّه سيؤدي أوتوماتيكياً إلى تحسين سعر صرف الليرة، وبالطبع كل ذلك يحتاج إلى رئيس جمهورية وإلى حكومة إختصاصين وفي أسرع وقت”.