كتب داني شربل , أخصائي نفسي.
ان تدهور سعر صرف الليرة بالنسبة للدولار والأزمة الاقتصادية التي ترخي بظلالها على المجتمع اللبناني وحجز اموال المودعين والمستقبل المجهول على الصعيد الاقتصادي والمعيشي قد أصاب المواطن في وجوده ككائن فاعل وحي وأصاب المجنمع في نسيجه حيث أدى الى موجة من الاعتراض على الاوضاع المعيشية وأدى الى هجرة الشباب الى الخارج للبحث عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية والتأمين الصحي وفرص عمل ومستقبل أفضل.
يعتبر المال حسب وجهة نظر التحليل النفسي كتمثيل رمزي للتبادلات بين البشر ويعد وسيط له قيمة يستعمل في التبادلات المادية والمعنوية وذلك بهدف اشباع الحاجات الضرورية للفرد, يعتبر فرويد أن الطفل البشري خلال مراحل تطوره النفسي الجنسي وتحديدا في المرحلة الشرجية خلال تعويده على النظافة وضبط عملية السيطرة على الخروج ( البراز) , يتعلم رسم الحدود مع الاخرين, أن يقول (هذا\أنا\أنت) , (هذا\لي\لك) , والبراز يعتبر ذلك الوسيط في التبادل بين الأنا والعالم الخارجي (الأم في تلك المرحلة) خلال تلك العملية التبادلية( أم-طفل) تظهر طبائع البخل و الكرم , فأما ان يمسك (بخل) أو يعطي(كرم) ,في هذا الاطار للأم دور كبير في نشوء تلك الطباع في الشخصية تبقى تلك الطباع في الشخصية اللاواعية حتى عمر البلوغ , يكرر الفرد تلك العملية التبادلية في المستقبل والمال الان هو الوسيط الأساسي.
بما ان المال هو تمثيل رمزي في التبادلات بين البشر وفي اشباع حاجات الفرد الضرورية ,الأزمة الاقتصادية و فقدان قيمة ذلك الرمز(المال) سيؤدي الى نوع من القلق الوجودي على الصعيدين الفردي والاجتماعي , وسيحدث نوع من الخلل النفسي لدى الافراد ,القلق والاكتئاب من سماته الأساسية , وهذا ما تم لمسه في السنوات الاخيرة في لبنان , على سبيل المثال لا الحصر أن حجز أموال المودعين أدى الى اصطدام بين المودع والمصرف حيت تدهورت العلاقة بين الطرفين بسبب الخلل الناجم عن التبادل الرمزي حيث نتج عنه اضطراب في الحدود بين الأنا والأخر, (هذا لي\لك).
يبقى المال رمزا مهما وله صفة ايروسية (لذوية) , ان فقدان تلك القيمة سيحدث نتائج سلبية على الصعيدين الفردي والاجتماعي و يؤدي الى تدهور وخلل واضطراب اجتماعي وسياسي يصيب نوعية حياة الفرد والجماعة