كتبت رمال جوني في “نداء الوطن”:
تحرّك مراقبو وزارة الصحة باتّجاه مراكز التجميل في منطقة النبطية، فأقفلوا 13 مركزاً لمخالفتها المواصفات القانونية. وكانت هذه المراكز تكاثرت كالفطر، إذ كل مواطن يخضع لدورة تجميل ثلاثة أشهر، بل 15 يوماً، يفتح مركزاً، حتى أطلق عليها «دكاكين التجميل».
دفعت الهجمة غير المسبوقة على التجميل بمختلف تسمياته إلى إنعاش المهنة، لكنّها تحوّلت تجارة رابحة، أو كما وصفها أحدهم «الدجاجة التي تبيض ذهباً». تقدّم هذه المراكز شتّى أنواع الخدمات التجميلية «بوتوكس، فيلر…» وقد تعلّم أصحابها التقنيات بمتابعة دورات وليس بدراسة طب التجميل.
الأخطاء لا تغتفر في غالبية المراكز التي تستخدم بضاعة رخيصة الثمن وذات نوعية سيئة، تلحق الضرر بالمريض، ثم يتنحّى مدير المركز وينفض عنه المسؤولية.
ما زالت إحدى السيّدات تحت الصدمة، حقنت شفتيها بالفيلر، فكانت النتيجة تضخّماً وتشوّهاً على الرغم من أنّها تكلّفت مبلغاً بالفريش، كما تقول. هي إحدى اللواتي تقدّمن بشكاوى لدى وزارة الصحة والقوى الأمنية عن مأساتها، شأنها شأن كثيرات غيرها.
إستبقَ الإعلام نشر قرار وزير الصحة فراس الأبيض إقفال 13 مركز تجميل في منطقة النبطية، حتى قبل إبلاغ مركز الصحة فيها، ما أعطى أصحاب هذه المراكز «الدكاكين» فرصة للإقفال، مُستبقين زيارة مراقبي الصحة وعناصر أمن الدولة لتنفيذ قرار الإقفال بالشمع الأحمر. يعمل في منطقة النبطية أكثر من 150 مركز تجميل غير مرخّص، تعتمد مواد رخيصة الثمن، يدفع نتيجتها الزبون تشوّهات، لا تعدّ ولا تحصى. تعتمد غالبية هذه المراكز على بضاعة مغشوشة مستوردة، والأهم رخيصة، تعتمد نظام الدعاية على وسائل التواصل والعروضات الخيالية، إذ يتمّ تسويق إبرة النضارة بكلفة 40 دولاراً في وقت أنّ كلفة الإبرة الأجنبية تتخطى الـ500 دولار، حتى أبر البوتوكس والفيلر.
«13 يوم تدريب وتفتح مركزاً وتبدأ الشكاوى»، هذا ما قالته مصادر في وزارة الصحة، آسفة لـ»وجود دكاكين فرّخت بكثافة في المنطقة، والأخطر أنها تعمل من دون إذن مزاولة ولا ترخيص ومن دون وجود طبيب، ما زاد نسبة التشوّهات والشكاوى».
وقد دفعت هذه الشكاوى بالمراقبين الصحيّين إلى القيام بجولات عدّة وإعداد تقارير للوزارة كان آخرها في آذار الفائت، تفيد «أنّ هذه المراكز تعمل من دون طبيب وبلا ترخيص، غير أنّ تدخّل الوزارة جاء متأخّراً نسبياً»، على ما تقول المصادر، «وقد بنَت معطياتها الإضافية من إعلانات هذه المراكز عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
وترى المصادر أنّ «نشر القرار في الإعلام سمح لهذه الدكاكين بالإقفال، حتى أننا تفاجأنا به قبل أن يصلنا». وتستغرب «أنّ غالبية هذه المراكز تعتمد تقنيات لايزر وبوتوكس وفيلر من دون تراخيص قانونية، حتى أنّ بعض العاملين في هذا المجال يمارسون المهنة في منازلهم».
وتعتقد المصادر «أنّ خطوة الوزارة جاءت للحدّ من هذه الدكاكين، التي تشكّل خطراً على السلامة العامة». منذ عدة أشهر، انطلقت حملة للحدّ من التشوّهات والتعدّيات التي أصابت قطاع التجميل في لبنان، قادها تجمّع «أطباء في المواجهة» للمطالبة بإقفال الدكاكين وتنظيم مهنة طبّ التجميل في لبنان.
عشرات التقارير تضمّنت حالات التشوّهات والمخالفات الحاصلة في المجال، رفعها التجمّع إلى وزارة الصحة، بعدما بات الإمساك بالسوق صعباً جرّاء تفشّي ظاهرة مراكز تجميل، ويرى الدكتور رائد رطيل، أحد أعضاء التجمّع أن «خطوة وزير الصحة جاءت متأخّرة لأننا طالبنا بها كثيراً، ولكن حكماً ستبدأ خطوات المعالجة».
ينادي التجمّع، كما يقول، بتطبيق القانون، ومحاسبة منتحلي صفة خبير تجميل، «إذ إنّ بعض الأطباء يأخذون تراخيص لفتح مراكز تجميلية لمنتحلي صفة خبير تجميل لقاء مبلغ مالي، ما عزّز انتشار هذه الدكاكين، وقد وصلت نسبة الأخطاء فيها إلى 60 في المئة، إذ مقابل كل 10 أشخاص يتعرّض 3 أو 4 منهم للتشويه، وهذه جريمة كبرى. ويحظى هؤلاء بدعم سياسي وحزبي ودعم خارجي». وطالب الوزارة بـ»تحديد من يحقّ له ممارسة الاختصاص، والأهم وضع حدّ لتشويه القطاع». وأكّد أن تحرّك أطباء في المواجهة إلى جانب جمعية الأمراض الجلدية وجرّاحي التجميل باتّجاه وزارة الصحة، وقد إنضمّ اليهم رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور بلال عبد الله، سيؤدّي حتماً إلى الحدّ من الظاهرة ووقف حالة النزف داخلها».
بدأت وزارة الصحة تنظيم الملفّ، وما إقفال 13 مركز تجميل إلا بداية الخيط، فهل تكرّ السبحة أم تنتهي الحملة عند هذا الحدّ؟