كتب محمد دهشة في نداء وطن:

في مخيم عين الحلوة حيث سقطت الغارة الإسرائيلية بالقرب من مسجد “خالد بن الوليد” في “حي صفوري” بالشارع التحتاني، وأدت إلى سقوط 14 ضحية وعدد من الجرحى في مجزرة حملت أكثر من رسالة سياسية وعسكرية ، توحدت حركتا “حماس” و”فتح”، رغم خلافهما، وأكدتا وحدة الموقف والمصير،واجتمعت القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية على اعتبار أن المستهدف هو الهوية السياسية للمخيم وحق اللاجئين في العودة، ومعه سيادة لبنان ودوره وحضوره.

وعمّ الإضراب الرمزي والحداد أرجاء المخيم، وأغلقت المدارس التابعة لوكالة “الأونروا” أبوابها حدادًا، كما الحال في المدارس الرسمية والخاصة في مدينة صيدا. وراح أبناء المخيم يواسون بعضهم البعض، في انتظار تشييع الضحايا اليوم الخميس في موكب جنائزي جماعي في جبانة المخيم وسيروب.

وفي جولة ميدانية على المكان المستهدف، بدا كل شيء مبعثرًا يمينًا ويسارًا؛ بقايا جدران لطختها حُمرة الفاجعة. حفَر متفاوتة أحدثتها الصواريخ في الأرض تتجاور مع حقائب وأحذية رياضية للأطفال، وجدت نفسها شاهدة على ما لا يُحتمل من مشاهد، بينما انهمك مسعفو “جمعية الشفاء” في لملمة أشلاء وسط صمت يكاد ينطق بالحداد.

ولم تتوقف الخسائر عند حدود المكان، فقد التهمت النيران، التي اندلعت بعد الغارة، عددًا كبيرًا من السيارات، وأصيبت منازل قريبة ومحال تجارية بأضرار بالغة، وتطايرت واجهاتها المحطمة كقلوب مكسورة تشهد على الألم والدمار.

وقال الطفل حسين شحادة، البالغ من العمر عشر سنوات ويدرس في الصف الثاني في مدرسة الشهداء، لـ “نداء الوطن”: “لقد خفت كثيرًا وقت الغارة، وفقدت رفيقًا لي لن أنساه أبدًا”.

وأوضح حسين زغلول، “أبو سامر”، صاحب الدكان المجاور: “كأنه زلزال مفاجئ، الشظايا والحجارة والزجاج تناثرت من حولنا، نجونا بفضل الله ورحمته. إسرائيل عدوة، وستظل كذلك إلى الأبد”.

وأكد أبو عمر عبدالله: “رغم الدمار والخوف، لن تثنينا هذه الغارات عن الحياة، سنبقى صامدين، نحمل الأمل في قلوبنا، ونزرع العزيمة بين أطفالنا كما نزرع الأرض بعد المطر”.

وأكد مسؤول العلاقات السياسية لحركة “حماس” في مخيم عين الحلوة، خالد زعيتر “أبو حسام”، خلال مرافقته الإعلاميين في الجولة، أن ادعاءات ومزاعم جيش الاحتلال الصهيوني بأن المكان المستهدف هو “مجمع للتدريب تابع للحركة” محض افتراء وكذب، يهدف إلى تبرير عدوانه الإجرامي والتحريض على المخيمات وشعبنا الفلسطيني، فلا توجد منشآت عسكرية في المخيمات الفلسطينية في لبنان.

وفي صيدا، عُقد في دار الإفتاء الإسلامية اجتماع لفاعليات مدينة صيدا السياسية والروحية، بدعوة من مفتي صيدا وأقضيتها، الشيخ سليم سوسان، استنكارًا للمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في مخيم عين الحلوة.

وشارك في الاجتماع النائبان أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، والسيدة بهية الحريري، والمسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الجنوب بسام حمود، ورئيس بلدية صيدا مصطفى حجازي، ورئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، والمطران إيلي حداد، والمطران مارون العمار، وممثل المطران إلياس كفوري الأب جوزيف خوري، وعدد من الشخصيات.

تلا المفتي سوسان البيان الختامي، مؤكدًا أن الاعتداء على مخيم عين الحلوة يمثل اعتداءً على كرامة لبنان وسيادته، وعلى حقوق الفلسطينيين وعودتهم إلى وطنهم فلسطين.

وأضاف أنه يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في قضاياه، وأبرزها حق العودة، مؤكدًا في الاجتماع وحدة الصف ووحدة اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، وشيعة وسنة، على موقف وطني موحد فوق الفتن المذهبية والطائفية، يدعو إلى دولة عادلة وقوية تتساوى فيها الحقوق والواجبات.

ودعا المفتي الفلسطينيين إلى توحيد صفوفهم وفصائلهم، متسائلًا عن دور الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار، وعن اللجنة الخماسية والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الناس. وختم بالقول إن صيدا ستظل داعمة للشعب الفلسطيني وفلسطين والقدس، وستبقى إلى جانب الأقصى بكل فاعلياتها وجوارها.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version