كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon
تزايدت في الأيام الأخيرة التحذيرات الأوروبية والدولية من احتمال انتقال لبنان من اللائحة الرمادية إلى اللائحة السوداء الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب — خطوة قد تقذف بالبلاد إلى عزلة مالية قد تكون كارثية.
معلومات خاصة حصل عليها موقع JNews Lebanon من مصادرٍ مصرفية ودبلوماسية تكشف أن فريق التقييم الدولي أبدى ملاحظات خطيرة بشأن وتيرة وفعالية الإصلاحات اللبنانية، وأن بعض العواصم الأوروبية باتت تُنظر بعين الريبة إلى الالتزام اللبناني.

ما الذي تعنيه اللائحة السوداء عمليًا؟

إدراج دولة أمنيًا وماليًا ضمن «اللائحة السوداء» يعني عمليًا تشديدًا كبيرًا في الشروط المصرفية والتجارية التي تُفرض على تعاملاتها الخارجية. هذا يشمل صعوبات في التحويلات، تعقيدات في فتح اعتمادات استيراد، واضطرابًا في العلاقات مع المصارف المراسلة في أوروبا والخليج.

ماذا قالت مصادر JNews Lebanon؟

مصادرنا المالية أفادت بأن تقارير قُدمت إلى مؤسسات الرقابة الدولية أشارت إلى بطء التنفيذ في ملفات رئيسية: تتبّع الأموال المشبوهة، تطبيق عقوبات على كيانات أو أُطُر مالية مشبوهة، واستقلالية الأجهزة القضائية المكلفة بالتحقيق المالي.

وقد حذرت مصادر مصرفية من أن لبنان لديه نافذة زمنية محدودة لتصحيح المسار»، قال مسؤول مصرفي تحدث إلى موقعنا. «إن فاتتها، فخيارات اللجوء إلى علاقات مالية بديلة ستضيق وحينها الكلفة على المواطن ستكون فورية.

تداعيات محتملة إن انزلقت البلاد إلى اللائحة السوداء

  • تقليص التحويلات الخارجية وتعقيدها، ما يضرّ بالمغتربين وقيّمي التحويلات العائلية.
  • تراجع ثقة المصارف المراسلة في النظام المصرفي اللبناني، وربما تسريح خطوط ائتمان أساسية لاستيراد السلع.
  • تباطؤ أو إلغاء استثماراتٍ كانت قيد التفاوض من شركات أجنبية وخليجية.
  • إمكانية استهداف شخصيات مصرفية أو سياسية بعقوبات ثانوية، ما يزيد من حالة اللااستقرار السياسي.

موقف مصرف لبنان والجهود الرسمية

أكد مصدر داخلي في مصرف لبنان لموقعنا أن المصرف بعث بتقارير توضيحية إلى الجهات الدولية وأجرى اتصالات مكثفة لمحاولة تلطيف الصورة. أما السلطات الرسمية فتعِد بإجراءات تقنية وإصلاحات شكلية، لكنّ المصادر الدبلوماسية ترى أن ثمة فرقًا بين تعهدات شكلية وبين بناء آليات حقيقية ومستقلة للرقابة والتحقيق.

الأبعاد السياسية: هل هناك رسائل مخفية؟

في الأروقة الدبلوماسية، يُقرأ التلويح باللائحة السوداء أحيانًا كأداة ضغط سياسية لا اقتصادية فقط. مصادر JNews Lebanon تشير إلى أن بعض الأطراف الإقليمية والدولية تستخدم الملف لفرض شروط سياسية أو لانتزاع تنازلات داخلية في شؤون الحكم والشفافية.

ما الذي يجب أن تفعله الدولة الآن؟

الخبراء الاقتصاديون والقانونيون يؤكدون أن لبنان لا يزال يمتلك فرصة ضيقة لتفادي الانزلاق، لكن ذلك يتطلب إجراءات سريعة وحقيقية مثل:

  • إقرار استقلالية القضاء المالي وضمان سرية وفعالية التحقيقات.
  • تفعيل آليات الرقابة على حركة رؤوس الأموال والتحويلات المصرفية بشكل شفاف وقابل للتدقيق.
  • تنفيذ قوائم مراقبة وتعليمات عقابية ضد من يثبت تورطهم في شبكات تبييض الأموال.
  • تعزيز التعاون مع الهيئات الدولية وتقديم دلائل عملية على التنفيذ وليس وعودًا فقط.

خاتمة: لبنان في سباق مع الزمن

في المحصلة، يقف لبنان اليوم على حافة الانهيار المالي الشامل، تتقاذفه التحذيرات والضغوط الخارجية في وقتٍ تتناحر فيه القوى الداخلية على تفاصيل لا تُغني ولا تُسمن.
البلاد ما زالت على اللائحة الرمادية، لكنّ بقاءها فيها ليس مضمونًا، خصوصًا في ظلّ غياب الثقة والإصلاحات الجذرية.

المعادلة واضحة: إمّا أن يتحرّك لبنان سريعًا لاستعادة مصداقيته المالية أمام المجتمع الدولي، أو أن يجد نفسه قريبًا على اللائحة السوداء رسميًا، بكل ما يعنيه ذلك من عزلة، شلل اقتصادي، وانهيار ثقة دولية.

وفي ظلّ هذه الصورة القاتمة، يبقى السؤال الأهم الذي تطرحه مصادر JNews Lebanon: هل تمتلك الدولة اللبنانية الإرادة لتصحيح المسار، أم أنّ البلاد تتّجه بخطى ثابتة نحو القطيعة المالية الكبرى التي قد تكون أخطر من كل الأزمات السابقة؟

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version