في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والضغوط الأميركية على لبنان، يرى الصحافي والكاتب السياسي غسان ريفي، في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أن “من يُهوِّل أو يُهدِّد لا يقوم بحرب، ومن يريد الحرب يُقدِم عليها بسرعة وبشكل مباشر، وليس عبر التهويل. لذلك، لا بدّ أن نعترف بأن الحرب الإسرائيلية في لبنان لم تتوقف، إسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار وما زالت تواصل عدوانها، وإن كانت بوتيرة أقل مما كانت عليه خلال الذروة في الأشهر الماضية، لبنان التزم بجوانب الاتفاق كافة، بينما لم تلتزم إسرائيل، ومن ثمّ نحن عمليًا لا نعيش سلامًا ثابتًا بل حالة حرب مستمرة بتفاوت في الوتيرة”.
ويشير إلى أن “لبنان يعيش اليوم بين نيران خارجية وداخلية، النار الخارجية الأولى هي النار الإسرائيلية التي تصعّد الضغوط وتمارس الابتزاز لدفع لبنان نحو مفاوضات مباشرة تؤدي إلى التطبيع. هذا الابتزاز يتّخذ أشكالًا متعددة: اعتداءات، تدمير، اغتيالات، ومنع إعادة الإعمار، وكلها تهدف إلى دفع اللبنانيين نحو خيار التفاوض المباشر. النار الثانية هي النفوذ الأميركي الذي يدعم كل التوجّهات الإسرائيلية، ويعمل كغطاء دبلوماسي، ما يجعل الولايات المتحدة شريكًا واضحًا في هذه الضغوط، سواء عبر سياساتها أو من خلال زيارات ومناورات تزيد من وقع العدوان”.
ويلفت إلى أنه “داخليًا هناك نار المحور الأميركي، الذي يتبنّى السردية الإسرائيلية ويخفّف من أثر المخاطر المرتبطة بأي حوار حول التطبيع أو التفاهم المباشر، أحيانًا عبر الدعوة لكسر الحواجز مع العدو وإظهار إسرائيل كمكوّن غير طامع في الداخل اللبناني، وأحيانًا عبر الظهور الإعلامي للدخول إلى مسار التطبيع بشكل متسلسل، في المقابل، هناك نار الفريق الممانع الذي يرفض أي خيار من خيارات المفاوضات المباشرة في ظل استمرار الاحتلال والاعتداءات، ويعتبر أن أي حديث عن نزع السلاح سيؤدي إلى فتنة داخلية، خصوصًا في ظل فشل الدبلوماسية الحكومية في فرض انسحاب إسرائيلي”.
ويخلص ريفي إلى القول: “نحن أمام مسار مسدود ولا أفق واضح له، إلا إذا مارست الولايات المتحدة ضغطًا فعليًا على إسرائيل. الكرة اليوم في ملعب واشنطن، إذ بإمكانها الضغط على حكومة نتنياهو لوقف العدوان، ما يتيح للبنان الالتزام بوقف إطلاق النار والذهاب إلى مفاوضات غير مباشرة ضمن آليات رسمية، هناك اقتراح أميركي وافق عليه لبنان يقوم على وقف العمليات لمدة شهرين تمهيدًا لمفاوضات حول الحدود عبر آليات الميكانيزم، ويجب على واشنطن أن تضغط على إسرائيل لتنفيذه، أما إذا استمرّت السياسة الأميركية في الصمت أو الدعم غير المشروط، فسنمضي نحو مسار مظلم، تصعيد مستمر أو حرب أوسع، وعندها قد تلجأ المقاومة إلى تشكيل معادلة ردع جديدة، وهو الأمر الوحيد القادر عمليًا على كبح جماح إسرائيل في غياب ضغوط دولية حقيقية، وإلّا فسيبقى لبنان على هذه وتيرة التصعيد”.