كتب وليد حسين في المدن:
تخرّجت وسلمها رئيس الجامعة بسام بدران إفادة تهنئة في حفل التخرج في كلية الآداب في 3 تشرين الأول الحالي. لكنها عادت واكتشفت أنها لم تنجح في الامتحانات النهائية التي صدرت نتائجها في 14 تشرين الأول. بيد أن قضيتها فتحت الأعين على فضيحة كبرى في الكلية طالت عشرات الطلاب.

خرّجت الكلية الطلاب قبل صدور نتيجة الامتحانات. لكن هذه الفضيحة تعدّ تفصيلاً أمام الفضائح التي تكشّفت لاحقاً. وفضيحة كلية الحقوق بتزوير علامات تعتبر نقطة في بحر الفساد الذي طال كلية الآداب، الفرع الثالث. وما تكشفه “المدن” في هذا المقال هو بمثابة إخبار يستدعي تدخلاً عاجلاً من القضاء، ومن وزيرة التربية ريما كرامي، لكونها تمثل مجلس الجامعة. والأهم من كل ذلك، فضيحة تخريج الطلاب وفقدان الأموال التي جمعت من الطلاب للتخرّج، وتزوير العلامات في الكلية، وصلت إلى رئيس الجامعة بدران، ولم يأخذ أي إجراء.

ادفع تعرف نتيجتك!

في التفاصيل، بدأت إحدى الطالبات بجمع مبالغ مالية من الطلاب تمهيداً لحفل التخرّج بطلب من إدارة الفرع الثالث لكلية الآداب. وسارع الطلاب إلى دفع الأموال بمبالغ تراوحت بين ستين وتسعين دولاراً لزوم التخرج. وقد جمعت الأموال قبل صدور نتائج الامتحانات، أي قبل أن يعرف الطالب إذا كان ناجحاً أو راسباً. وتبين أن الطالبة، التي جمعت الأموال بطلب من الإدارة، كانت تقوم بتبليغ الطلاب بنتيجة امتحاناتهم قبل صدورها رسمياً في 14 تشرين الثاني. وكانت، بحسب التسجيلات التي تداولها الطلاب تبتزهم: الطالب الذي لا يدفع رسم التسجيل لا يعرف نتيجته ومن يدفع تأتي له بالعلامة. ما يعني تواطؤ الموظفين في الإدارة معها لتسريب النتائج.

وفي أحد التسجيلات قالت للطلاب: “كل طالب يريد معرفة نتيجته عليه تسديد المبلغ قبل إرسال اسمه على مجموعة المحادثة”. وقالت لهم إن عددهم بالمئات ولا تستطيع تضييع الوقت مع الطلاب الذين لا يريدون تسديد المبلغ. وكل ذلك حصل قبل صدور نتيجة الامتحانات وقبل حفل التخرّج. وتحول رسوم التسجيل لحفل التخرج إلى دفع بدلات مالية لابتزاز الطلاب كي يعرفوا نتيجتهم.

بالمنطق، تصدر النتيجة الرسمية للامتحانات ثم يصار إلى جمع الرسوم من الطلاب الناجحين (لزوم بدلة التخرج) لتخريجهم، وهذا بمعزل عن أن جمع الإدارة للرسم من الطالب مخالف للقانون (لكن جرت العادة جمع الرسوم). والمستغرب أن الكلية قررت موعد حفل التخرّج في مطلع الشهر، فيما النتائج صدرت بعد أكثر من عشرة أيام! والسؤال هنا: كيف قبِل بدران بتخريج طلاب وحضور حفل تخرّج قبل صدور النتائج الرسمية، بل تسربت نتائجهم قبل عشرة أيام؟ علماً أن تسريب النتائج ليس جنحة بل جرماً، ويفترض أن تعاقب الإدارة التي تسرب النتيجة.

فضيحة لجان المداولات

بعد نحو عشرة أيام على حفل التخرّج صدرت النتائج النهائية في الكلية وبدأت الفضائح تتوالى. اكتشف عدد كبير من الطلاب أنهم رسبوا في امتحانات، ما يعني أن تخرّجهم كان غير مستحق.

حاولت الإدارة لفلفة الموضوع من خلال تغيير علامات الطلاب المحظيين ورفعت لهم علاماتهم لإنجاحهم. وتذرعت الإدارة أمام الطلاب الذي تظلموا من إنجاح زملائهم وعدم شملهم بالنجاح أن عليهم الاستفسار من أساتذة المادة. وقيل لهم إن هناك “لجان مداولات” قررت رفع العلامة للمادة التي رسب فيها زميلهم، فيما هم غير مستحقين.

الفضيحة الثانية هي أن لا قرار صدر عن مجلس الوحدة (الكلية) في تشكيل لجان مداولات. بل تبين أن إدارة الفرع الثالث أوهمت أساتذة المواد أن قرار تشكيل لجان المداولات متخذ في مجلس الوحدة. ووقّع العديد من الأساتذة على تغيير علامات طلاب تمهيداً لإنجاحهم. وقد استفاد أحد زملاء الطالبة، التي تبلغت نتيجة الرسوب بعد تخرّجها، من تغيير علامته من 35 إلى خمسين ونجح. وقد تظلمت الطالبة لأنها نالت 36 وأنها أجدر من زميلها بالنجاح، لكن المديرة رفضت الانصات لها.

ووفق مصادر مطلعة، جرى نقاش في تشكيل لجان مداولات بين أعضاء مجلس الوحدة. وتوافق الأعضاء على رفع توصية إلى العميدة لاتخاذ القرار بتشكيل لجان مداولات. لكن العميدة أبلغتهم في الاجتماع أنه ممنوع تشكيل لجان مداولات، ولا ينجح إلا الطالب الذي نال خمسين على مئة. وعليه لم يتخذ أي قرار في تشكيل لجان مداولات. ما يعني أن تغيير العلامات في هذه الحالة يعتبر تزويراً فاضحاً ويعاقب عليه القانون.

نزاع على الأموال المحصّلة

الفضيحة الثالثة ظهرت بعد تظلّم عشرات الطلاب من أنهم سددوا رسوم التخرّج (وصل المبلغ المحصل من الطلاب إلى 13 ألف دولار) ولم ينجحوا وأن على إدارة الفرع إعادة الرسوم.

بدأت الاتصالات تنهال على الطالبة التي حصّلت الأموال. ارتبكت وأبلغت الإدارة. تفاجأت بأن الإدارة طلبت منها تسديد المبالغ للطلاب الذين رسبوا، رغم أنها سبق وسلمت كل الأموال إلى الإدارة. وحصلت خلافات بينها وبين الإدارة، وخرجت إلى العلن.

محاولة توريط الأساتذة بالتزوير

35 على مئة، فيما رسب عشرات الطلاب الذين نالوا40 على مئة. وحاولت إدارة الفرع الثالث لفلفة الأمور. فقد أقدمت الموظفة المسؤولة عن “البانر” على الطلب من رؤساء أقسام المواد التوقيع على المداولات. علماً أنه سبق وطلبت الإدارة من أساتذة المواد كتابة “مع الموافقة” والتوقيع على المداولة إلى جانب توقيع المدير.

اعترض غالبية رؤساء الأقسام على هذا الطلب لأن لا قرار متخذاً في مجلس الوحدة، والتوقيع في هذه الحالة يعدّ بمثابة الموافقة على التزوير. ووفق المصادر، كان الهدف الإيقاع بهم وجرهم إلى مخالفة القانون ليصبحوا متورطين، ويجري التكتم على الموضوع. فقضية فساد بهذا الحجم تؤدي بمرتكبها إلى السجن، وكان لا بد من إخفاء الموضوع. ولكن حصلت خلافات في مجلس الوحدة حول حفل التخرّج وتسريب العلامات ولجان المداولات. وراحت العميدة تلقي اللوم على مديرة الفرع الثالث، والأخيرة تلقي اللوم على العميدة لأنها لم توافق على قرار تشكيل اللجان. وانتهى الأمر بأن خرج الموضوع عن السيطرة.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version