تتزايد في الآونة الأخيرة الاتصالات الدبلوماسية والضغوط الدولية على الدولة اللبنانية للدخول في مسار تفاوضي مع الجانب الإسرائيلي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في ظلّ قناعة راسخة لدى الأوساط الغربية والعربية بأنّ التفاوض بات يشكّل المخرج الوحيد لتجنّب تفاقم الأوضاع في لبنان والمنطقة، والحيلولة دون اندلاع حرب إسرائيلية جديدة يجري التلويح بها يومياً.

وبحسب مصادر سياسية مطّلعة، فإنّ النقاش الداخلي في لبنان يجب أن يتخطّى مبدأ التفاوض بحدّ ذاته، وينتقل إلى البحث في شكله وآلياته والملفّات التي ستُطرح على الطاولة، وتحديد الإطار الذي يفترض أن يوجّه هذا المسار وحدوده، بما يحفظ التوازن الداخلي والسيادة الوطنية.

وتضيف المصادر أنّ رئيس الجمهورية جوزيف عون يتعامل مع هذا الملفّ بحذر بالغ، واضعاً ما وصفه بـ”الخط الأحمر باسم الاستقرار”، إذ يعتبر أنّ أيّ مسار تفاوضي يجب ألا يمسّ بأمن لبنان الداخلي ولا بثقة الخارج بالبلاد، لأنّ خسارة الاستقرار، وفق تعبيره، ستكون “بالغة الخطورة” وتنعكس سلباً على مختلف الملفات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وتؤدّي إلى مزيد من التدهور على جميع المستويات.

وفي المقابل، لا يُخفي رئيس مجلس النواب نبيه برّي تحفظه إزاء الطروحات المتعلّقة بالتفاوض، انطلاقاً من اعتبارات داخلية وخصوصية موقفه التاريخي من الملفات المتصلة بإسرائيل. إلا أنّ الضغط الخارجي، وفق المعطيات، يتركّز اليوم على إقناع برّي بأنّ التفاوض قد يكون المخرج الواقعي الوحيد لوقف الاعتداءات الإسرائيلية اليومية وفتح مسار إعادة الإعمار في المناطق المتضرّرة.

وتؤكد معلومات موثوقة أنّ مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى فتحوا خلال الأسابيع الماضية قنوات تواصل مع مسؤولين لبنانيين للضغط في اتجاه إطلاق مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، في حين يصرّ لبنان الرسمي على وضع شرط أساسي يتمثّل بوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الأراضي اللبنانية كخطوة أولى لتهيئة المناخ السياسي والأمني لأيّ تفاوض محتمل.

وفي هذا السياق، تفيد المعطيات بأنّ أوساط رئاسة الجمهورية تُبدي اطمئناناً إلى أنّ الوضع الأمني لا يتجه نحو التصعيد، لا سيما في ظلّ مؤشرات تدلّ على عدم نية إسرائيل توسيع نطاق عملياتها العسكرية في المرحلة الراهنة، وبفعل المواقف الأخيرة التي اتخذها الرئيس عون، والتي شدّد فيها على ضرورة تثبيت الهدوء وفتح الباب أمام الحلول السياسية، انسجاماً مع التوجّهات العربية والدولية الداعية إلى تهدئة شاملة في المنطقة.

وتختم المصادر بالتأكيد أنّ لبنان، وإن كان لا يزال يتعامل مع هذا الملفّ بحذر مدروس، إلا أنّ دخوله في مسار تفاوضي منظّم قد يشكّل محطة مفصلية في إعادة تموضعه الإقليمي واستعادة الثقة الدولية به، شرط أن يتم ذلك ضمن ثوابت وطنية واضحة، تصون السيادة وتحافظ على استقرار البلاد.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version